الذين يتناولهم بالبحث.
أما أبو حنيفة الدينورى المتوفى سنة (٢٨٢هـ = ٨٩٥م) فقد كان
موسوعى المعرفة، برع فى علوم كثيرة كالنحو واللغة والهندسة
والفلك وغير ذلك، ولكن الكتاب الذى اشتهر به الدينورى هو كتابه
التاريخى المعروف باسم «الأخبار الطوال» الذى يتناول فيه التاريخ
الإسلامى منذ ظهور الإسلام حتى وفاة الخليفة المعتصم سنة (٢٢٧هـ=
٨٤٢م)، مع مقدمة مختصرة عن التاريخ القديم.
وقد استمرت حركة التأليف التاريخى على نشاطها وازدهارها طوال
مراحل العصر العباسى الثانى، ومن أبرز المؤرخين الذين شهدوا
بداية مرحلة النفوذ البويهى على بن الحسين المسعودى المتوفى
سنة (٣٤٦هـ = ٩٥٧م)، ومع أن المسعودى نشأ فى بغداد فقد كان
دائم الترحل فى طلب العلم، وهو يقدِّم نموذجًا للعالم الذى جعل العلم
ضالَّته، فهو ينشده لكل ما أوتى من حول وما وسعه من صبر؛ فقد
ذهب إلى الهند والملتان وسرنديب (سيلان) والصين، فضلاً عن مراكز
العلم الشهيرة فى أرجاء العالم الإسلامى، ومن أشهر مؤلفاته
التاريخية كتاب «مروج الذهب ومعادن الجوهر»، وقد تناول فيه
تاريخ الأمم القديمة، ثم تناول تاريخ الإسلام منذ ظهوره حتى خلافة
المطيع لله، وهو أول الخلفاء العباسيين فى العصر البويهى، ومن
بين الكتب التاريخية الذائعة للمسعودى أيضًا كتاب «التنبيه
والإشراف»، وهو محاولة منه لتقديم كتاب تاريخى مختصر يضم
خلاصة ما كتب، وهو يحتوى على معلومات مهمة من كتب أخرى
للمسعودى لم تصل إلينا.
ومن بين المؤرخين المتميزين فى فترة النفوذ البويهى أيضًا الخطيب
البغدادى المتوفى سنة (٤٦٣هـ = ١٠٧١م)، وهو «أبو بكر أحمد بن
على بن ثابت»، وقد عاش فى بغداد التى يُنسَب إليها ومات بها،
ولكنه رحل طلبًا للعلم إلى عدة مراكز علمية بارزة كالبصرة والكوفة
ونيسابور وحلب وبيت المقدس وغيرها، وهو يتميز بغزارة إنتاجه
وتنوع اهتماماته العلمية؛ حيث ألَّف فى فروع مختلفة من العلم