على العلوم المعروفة لدى المسلمين، وإجادته عدة لغات إلى جانب
لغته المغولية، لكنه كان قاسيًا على أعدائه، ولا يأبه بحياة الناس
حين تتعارض مع تحقيق أهدافه وطموحاته، وتجلى ذلك حين تخلص
من الأمير «نوروز» الذى ساعده ووقف إلى جانبه فى كثير من
المواقف بسبب وشاية، وكذلك حين أمر بقتل وزيره «صدر الدين»
فى رجب سنة (٦٩٧هـ)، وعين بدلا منه المؤرخ «رشيد الدين فضل
الله» الذى توسم فيه النبوغ والعبقرية والإخلاص، وأشرك معه رجلا
يدعى «سعد الدولة» لمساعدته فى مهام الوزارة.
حملات غازان خان على بلاد الشام:
قام «غازان» بثلاث حملات على «بلاد الشام»، كانت الأولى فى سنة
(٦٩٩هـ)، وانتصر فيها على قواد «الناصر محمد بن قلاوون» بالقرب
من منطقة «مرج المروج» شرقى «حمص»، وقد انتشر المغول بعد
انتصارهم فى الأماكن المجاورة، وخربوا البلاد جريًا على عادتهم
القديمة، وكأنهم لم يعتنقوا الدين الإسلامى، ثم عين «غازان» واليًا
من قبله على البلاد التى استولى عليها، وعاد بعد ذلك إلى «إيران».
وفى سنة (٧٠٠هـ) عاود المغول الكرَّة على بلاد الشام، واستولوا
على مناطق جديدة بها، إلا أنهم لم يتمكنوا من التقدم والاستمرار؛ إذ
هطلت عليهم الأمطار بغزارة، واشتدت البرودة، وكثر الوحل، وهلك
كثير منهم، ووجد «غازان» نفسه مضطرًا إلى العودة إلى «إيران»،
ولكنه عاد بعد ذلك بعامين فى سنة (٧٠٢هـ) بحملته الثالثة على
«سوريا»، وتحرك إلى مدينة «عانة» على شاطئ «الفرات»،
وبرفقته وزيره المؤرخ «رشيد الدين» ثم عاد أدراجه إلى عاصمته
«تبريز» تاركًا جيشه بالشام ليواصل مهمته، ولكن النتيجة جاءت على
غير ما كان يتوقع، إذ هُزم جيشه هزيمة منكرة على يد السلطان
«الناصر محمد بن قلاوون» فى موقعة «مرج الصفر» بالقرب من
«دمشق» فى (٢ من رمضان عام ٧٠٢هـ)، فاعتلَّت صحته، وغلبه
المرض، وتآمر عليه الأمراء، وكثرت من حوله الدسائس، ومات فى