رباعيته، وانجلت المعركة عن هزيمة للمسلمين، وسقوط واحد
وسبعين شهيدًا، وكان ذلك درسًا قاسيًا، أنزل الله بشأنه أكثر من
ستين آية فى سورة «آل عمران»، وضح لهم أسباب ما حدث، وأن
الهزيمة إنما كانت لمخالفة أوامر الرسول، والحرص على جمع
الغنائم، قال تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى
إذا فشلتم وتنازعتم فى الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون
منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم
ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين}. [آل عمران: ١٥٢].
ثم واساهم وعفا عنهم، وذكرهم بأنهم إن كانوا قد أصابهم قرح
وخسروا معركة، فقد أصاب أعداءهم قرح مثله {وتلك الأيام نداولها
بين الناس}، ثم طلب من نبيه أن يعفو عنهم ويستغفر لهم، وألا يدع
مشورتهم، حتى لو أدت إلى الهزيمة فى معركة، فخسارة المعركة
أسهل من خسارة مبدأ الشورى الذى يربى الرجال ويدربهم على
إبداء الرأى والمشاركة فى صنع القرار.
٣ - غزوة الأحزاب:
أظهر يهود «بنى قينقاع» بعد غزوة «بدر» تصرفات بالغة السوء،
وأظهروا حزنًا شديدًا على هزيمة «قريش»، وساءهم انتصار
المسلمين، وكان ذلك خيانة ونقضًا للمعاهدة التى وقعها الرسول
معهم، كما أنهم أرسلوا وفدًا إلى «مكة» لمواساتها، وهذا يخالف ما
اتفق عليه فى معاهدة «المدينة» التى نصت فى أحد بنودها على
عدم إقامة أية علاقات مع «مكة»، ثم أساءوا إلى المسلمين
وانتهكوا حرماتهم، كما أغلظوا القول لرسول الله - صلى الله عليه
وسلم - حين نصحهم بالاستقامة والالتزام بنصوص المعاهدة، وقالوا:
«يا محمد لا يغرنك أنك لقيت قومًا لا علم لهم بالحرب - يقصدون
«قريشًا» - فلو حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس»، ولم يجد الرسول
- صلى الله عليه وسلم - بدا إزاء تصرفاتهم هذه إلا أن يجلوهم عن
«المدينة» ويتخلص من غدرهم وأذاهم، ثم أجلى الرسول بعد غزوة
أحد يهود «بنى النضير» بعد أن دبروا مؤامرة لقتله، فحقد اليهود