عليه، وألبوا «قريشًا» وحلفاءها لشن حرب شاملة ضد المسلمين،
وذهب وفد منهم لهذه المهمة بزعامة «حيى بن أخطب» إلى
«مكة»،ووعدوهم بمساعدتهم، وقالوا لهم إنهم اتفقوا مع يهود «بنى
قريظة» - الذين كانوا لا يزالون يسكنون «المدينة» - على الانضمام
إليهم عندما يهاجمون المسلمين فاقتنعت «قريش» بذلك، ثم ذهبوا
إلى قبائل «غطفان» و «بنى أسد»، وصنعوا معهم مثلما صنعوا مع
«قريش»، ونجحت خطتهم الخبيثة بأن تجمع جيش من عشرة آلاف
مقاتل، من «قريش» وحلفائها، و «غطفان» و «بنى أسد» لمهاجمة
«المدينة»، وكان ذلك فى شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة.
حفر الخندق:
علم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذه الأخبار المفزعة، فجمع كبار
الصحابة واستشارهم كيف يواجهون هذا الموقف، فأشاروا عليه
بالتحصن داخل «المدينة»؛ لأنهم استفادوا من درس «أحد»، وأخذوا
يعدُّون العدة لتحمل حصار طويل من الأعداء. وهنا جاءت فكرة رائعة
من «سلمان الفارسى» - رضى الله عنه - وهى حفر خندق فى الجهة
الشمالية الغربية من «المدينة»؛ لمنع اقتحام جيوش الأحزاب لها، لأن
بقية جهاتها الأخرى كانت محصنة بغابات من النخيل، يصعب على
الخيول اقتحامها.
وتم حفر الخندق فى نحو أسبوع، وعمل النبى - صلى الله عليه وسلم -
بنفسه مع المسلمين فى حفره، وبشرهم وهم فى هذا الموقف
العصيب بفتح «الشام» و «العراق» و «اليمن».
جاءت قوات الأحزاب وهى واثقة لا بالنصر على المسلمين فحسب، بل
باستئصالهم، لكن المفاجأة أذهلتهم عندما رأوا الخندق يحول بينهم
وبين اقتحام المدينة، وظلوا أمامه عاجزين، تأكل قلوبهم الحسرة،
لأنهم لم يتعودوا مثل هذا الأسلوب فى القتال، ولما حاول واحد منهم
اقتحام الخندق لقى حتفه فى الحال.
وعلى الرغم من أن الخندق قد حمى المسلمين من هجوم المشركين،
فإن الكرب قد اشتد عليهم، وضاقوا بطول الحصار، وكانوا فى
موقف عصيب بالغ الصعوبة، وصفه الله - تعالى - أدق وصف بقوله: {إذ