جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب
الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا
شديدًا}. [الأحزاب:١٠ - ١١].
اجتهد النبى - صلى الله عليه وسلم - فى تفريج الكرب عن المسلمين،
فاتصل بقبائل «غطفان» وعرض عليها ثلث ثمار «المدينة» على أن
يعودوا إلى ديارهم ويتخلوا عن «قريش» فوافقوا، وعرض الرسول
- صلى الله عليه وسلم - هذا الأمر على الأنصار، فسألوه إن كان هذا
أمرًا من الله فليس لهم أن يخالفوه، أما إذا كان اجتهادًا من أجلهم
فلن يوافقوا عليه، فأعلمهم أنه اجتهاد منه لمصلحتهم ولتفريق
الأحزاب عنهم، فأبوا وعزموا على مواصلة الجهاد والدفاع عن بلدهم،
فأوقف النبى - صلى الله عليه وسلم - المفاوضات مع «غطفان» نزولا
على رأى أصحابه.
ثم لاحت فرصة عظيمة عندما عرض «نعيم بن مسعود» - وكان قد
أسلم وقدم مع الأحزاب دون أن يعلموا - أن يقوم بدور فى التخفيف
عن المسلمين؛ فأمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يفرق بينهم
وبين «بنى قريظة»، الذين نقضوا عهدهم مع النبى - صلى الله عليه
وسلم - واتفقوا مع الأحزاب على الانضمام إليهم حين تبدأ الحرب.
وقد نجح «نُعيم» فى مسعاه نجاحًا عظيمًا، وزرع الشكوك فى قلوب
الأحزاب و «بنى قريظة» تجاه بعضهم بعضًا، ثم أرسل الله ريحًا
شديدة قلعت خيام المشركين، وكفأت قدورهم، وانقلب الموقف كله
بفضل الله - تعالى - عليهم، وأدرك «أبو سفيان بن حرب» قائد
الأحزاب ألا فائدة من البقاء، فأمرهم بالرحيل فرحلوا، وقد علق
الرسول - صلى الله عليه وسلم - على هذا الموقف بقوله: «الآن نغزوهم
ولا يغزوننا».أى أن قريشًا لن تستطيع مهاجمة «المدينة» مرة
أخرى؛ لأن ميزان القوى أصبح يميل مع المسلمين.
عقاب بنى قريظة:
لما انسحبت الأحزاب، ونزع المسلمون لباس الحرب جاء «جبريل» -
عليه السلام - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: «يامحمد