إن كنتم قد وضعتم سلاحكم، فما وضعت الملائكة سلاحها، إن الله
يأمرك أن تخرج إلى «بنى قريظة»، فأمر رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - مناديًا ينادى فى الناس:
«لا يصلين أحدكم العصر إلا فى بنى قريظة»، وحاصرهم الرسول
- صلى الله عليه وسلم - بضعة وعشرين يومًا، حتى نزلوا على حكمه،
وطلبوا أن يحكم فيهم «سعد بن معاذ» حليفهم، فحكم بقتل الرجال
منهم؛ جزاء غدرهم وخيانتهم، وانضمامهم إلى الأعداء وقت الحرب،
فلو نجحت خطة الأحزاب لقُضِى على الإسلام والمسلمين قضاءً مبرمًا.
وحين قضى «سعد» بهذا الحكم، قال له رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: «لقد حكمت فيهم بحكم الله».
٤ - عمرة الحديبية:
قرر النبى - صلى الله عليه وسلم -، بعد هذه الحروب التى وقعت بينه
وبين «قريش» أن يذهب هو وأصحابه إلى «مكة» لأداء العمرة فى
شهر ذى القعدة من العام السادس للهجرة، لكن «قريشًا» رفضت
رفضًا حاسمًا فيه غرور وغطرسة، مع علمها بأن الرسول إنما جاء
«مكة» معتمرًا مسالمًا غير محارب، وليس من حقها أن تمنعه من زيارة
البيت الحرام، الذى جعله الله للناس جميعًا مثابة وأمنًا، فعسكر
الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى «الحديبية» على مسافة قريبة من
«مكة»، وجرت بينه وبينهم مفاوضات حرصًا منه على السلام وحقن
الدماء، انتهت إلى عقد هدنة عُرِفت بصلح الحديبية، وأهم شروطها
ما يلى:
١ - وقف الحرب بين الفريقين لمدة عشر سنين، يأمن فيها الناس
ويسافرون وينتقلون فى أمان.
٢ - وأن يعود الرسول وأصحابه هذا العام بدون أداء العمرة، وكانوا
نحوًا من ألف وأربعمائة فرد، على أن يأتوا فى العام التالى،
وتخلى لهم «قريش» «مكة» ثلاثة أيام يؤدون مناسكهم خلالها ثم
يعودون إلى «المدينة».
٣ - وأن من يأتى «مكة» مسلمًا بدون إذن وليه إلى «المدينة» يرده
الرسول - صلى الله عليه وسلم - إليهم، أما من يأتى من المسلمين إلى
«مكة» مرتدًا، فإنها ليست مطالبة برده إلى «المدينة».