٤ - وأن من أراد من القبائل العربية أن ينضم إلى أحد طرفى
المعاهدة، فله ذلك (فانضمت قبيلة «خزاعة» إلى النبى - صلى الله
عليه وسلم -، فى حين انضمت قبيلة «بنى بكر» إلى «قريش»).
وهذا الصلح كان فى ظاهره إجحافاً سياسياً للمسلمين، حتى إنه
أثار اعتراضات بعض الصحابة، الذين رأوا فيه مهانة لهم، مثل «عمر
بن الخطاب» -رضى الله عنه - غير أنه كان فى الحقيقة فتحًا مبينًا
كما سماه الله -تعالى- فى سورة «الفتح» التى نزلت على الرسول
- صلى الله عليه وسلم - وهو عائد من «الحديبية»؛ إذ كانت نتائجه فى
مصلحة المسلمين، وكان تمهيدًا لفتح «مكة» بعد عامين اثنين.
٥ - فتح خيبر:
وهى قرية كبيرة تقع شمالى شرقى «المدينة المنورة» بنحو مائة
وثمانين كيلو مترًا، يسكنها بعض اليهود الذين لم تبد منهم أية إساءة
إلى المسلمين من البداية، ولم يُسمع أن لهم ضلعًا فى أية مؤامرة أو
موقف من مواقف اليهود المخزية ضد الرسول - صلى الله عليه وسلم -
فاحترم الرسول موقفهم وحيادهم، غير أنهم تبدلوا وتغيرت مواقفهم.
منذ أن نزل عندهم يهود «بنى قينقاع» و «بنى النضير»، فأفسدوهم
وجعلوا بلدهم وكرًا للتآمر على المسلمين والكيد لهم.
ولما كانت «خيبر» تقع على الطريق المؤدى إلى «الشام»، فكان لابد
من تطهير ذلك الطريق من أية عوائق، وبخاصة أنه الطريق الرئيسى
للدعوة الإسلامية وللجيوش الإسلامية التى ستخرج بعد وقت قصير
لمواجهة دولة الروم، التى تكرر اعتداؤها على المسلمين؛ لذلك قرر
الرسول - صلى الله عليه وسلم - تصفية آخر وكر يهودى فى شبه
جزيرة العرب؛ لتسلم قاعدة الإسلام الأساسية ومنطلقه إلى العالم من
عدو ماكر، فبعد عودته من «الحديبية» بأقل من شهر - أى فى
المحرم من العام السابع للهجرة - غزا «خيبر»، ودك حصونها،
فاستسلمت، وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - كريمًا ورحيمًا مع
أهلها، فلم يجبرهم على الدخول فى الإسلام، ولم يطردهم من بلدهم،