للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلاطه الجديد بكل أسباب التحضر والتأنق والدقة، حيث كان خطاطًا

ماهرًا، وله دراية عالية بفنون النقش من خلال دراساته فى هذا

المجال.

وفى سنة (١٠٠٧هـ = ١٥٩٨م)، نقل الشاه «عباس الصفوى» عاصمة

بلاده إلى «أصفهان»؛ فدبت بها حياة جديدة، وراجت بها التجارة،

وازدهرت الصنائع والفنون، وعمد «الشاه عباس» إلى تطوير الجيش

وتحديثه، فاستبدل جيشه القديم -المكون من قوات قبلية- بجيش

نظامى جديد، واستحدث فيه فرقة عسكرية جديدة أطلق عليها اسم

«أصدقاء الملك»، وكانت هذه الفرقة تضم عشرة آلاف فارس، وكان

ضعف هذا العدد من المشاة، ثم مضى فى طريق التحديث العمرانى

فشيد الطرق، وشق القنوات، وأعد الأماكن اللازمة لنزول القوافل

التجارية فى طول البلاد وعرضها، وأقام مدينة ملكية جديدة فى

«أصفهان»، وجعلها مجاورة للمدينة القديمة، وأنشأ بها الإنشاءات

اللازمة، ثم ضاعف هذه الإنشاءات فى عام (١٠٢٠هـ = ١٦١١م)، وبنى

لنفسه بها قصرًا عظيمًا، وأنشأ حول ميدانه مسجدًا كبيرًا أسماه

«مسجد شاه»، وجعل بجواره مسجدًا آخر أصغر منه، وأحاط المدينة

بسور من الآجر والطين، وأقام بها الأسواق المسقوفة، ومائة واثنين

وستين مسجدًا، وثمانيًا وأربعين مدرسة دينية، وألفى رباط لإقامة

القوافل، وثلاثمائة حمام عام، وجعل لكل منزل بها حديقة خاصة، كما

جعل شوارع هذه المدينة متعرجة وضيقة، ربما لأسباب أمنية

ودفاعية، فبلغ تعداد السكان بالمدينة الجديدة نحو ستمائة ألف

نسمة فى ذلك الوقت، ولقد بقيت آثار هذه المدينة شاهد صدق على

عظمة الحضارة الصفوية إلى وقتنا الحاضر.

<<  <  ج: ص:  >  >>