للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقيا، غير محب للحرب، وغير ميالٍ إلى سفك الدماء، إلا إذا اضطرته

الضرورة إلى ذلك، وكان اهتمامه موجهًا إلى إصلاح شأن البلاد

والنهوض بها وبعمرانها، فعاشت البلاد فى عصره أزهى فترات

تاريخها.

مظاهر الحضارة فى الدولة التيمورية:

كان «تيمورلنك» رجلا واسع المعرفة، يتقن التحدث بلغات ثلاث هى:

«التركية»،و «الفارسية»، و «المغولية»، محبا للأطباء والفلكيين،

وكذا الفقهاء، وقد جمع الفنيين وأصحاب الحرف من كل أطراف

الدنيا فى عاصمته «سمرقند»، وكانت حياة المحاربين وأخبار

الحروب وتواريخها من أحب المعارف التى يسعى إلى معرفتها،

والقراءة فى الكتب التى تناولتها.

شيد «تيمورلنك» حضارة عظيمة فى بلاده، وأقام بها المنشآت

الشامخة، ولعل المدرسة الدينية الكبيرة التى بناها لزوجته الصينية

«بيبى خاتون» خير دليل على عظمة حضارة «الدولة التيمورية» فى

عهده، فهى تحفة فنية مكونة من أربعة إيوانات، وفى وسطها فناء

واسع، تحيط به عقود ذات قباب، على رأس كل منها منارة، وتعد

المقبرة التى بناها لنفسه آية من آيات البناء، ومثالا لسمات المعمار

فى العصر التيمورى.

ولم يشهد العهد التيمورى ازدهارًا فى مناحى الحياة كافة مثلما حدث

فى عصر «شاهرخ»؛ الذى يعد من أكثر حكام «إيران» ثقافة وذكاءً

ومعرفة، فقد جعل من «هراة» مركزًا ثقافيا لأواسط آسيا، وتبوأ

المهندسون والمعماريون والرسامون والشعراء والعلماء مكانة بارزة

فى بلاده، وأغدق عليهم بالعطايا، وتولى رعايتهم بنفسه، فشهدت

البلاد فى عصره نهضة حضارية فى كل الفنون ومختلف التخصصات،

ويعد مسجد «جوهر شاد» (١٢) من أبرز إنجازات هذا العصر، وظل

العمل فى بنائه اثنى عشر عامًا فى الفترة (٨٠٨ - ٨٢٠هـ = ١٤٠٥ -

١٤١٧م)، وقد أقيم تكريمًا لزوجته - التى حمل المسجد اسمها - بمدينة

«مشهد».

وكذلك بنى المعمارى «قوام الدين الشيرازى» مدرسة كبيرة -

بتكليف من شاهرخ- بمنطقة «خركرد» التى تقع إلى الغرب من

<<  <  ج: ص:  >  >>