طلب الوفد من «جوهر» العهد بإطلاق الحرية المذهبية للمصريين على
اختلاف مذاهبهم وأديانهم، وأن يتعهد بنشر العدل والطمأنينة فى
النفوس، وأن يقوم بإصلاح مرافق البلاد.
حينما اقترب «جوهر» من «الفسطاط» أراد بعض الإخشيديين وأنصار
الوالى - الذين خافوا على نفوذهم من دخول الفاطميين - منعه من
دخول «الفسطاط»، ودارت بينهما مناوشات توسط بعدها الشريف
العلوى «أبو جعفر مسلم» عند «جوهر»، فقبل شفاعته، وعبر الجنود
«نهر النيل»، وطاف صاحب الشرطة فى «الفسطاط» ليعطى الأمان
للناس من جديد، وكان يحمل علمًا عليه اسم «المعز لدين الله».
وفى (١٧ من شعبان سنة ٣٥٨هـ) خرج الأعيان والأهالى لتهنئة
«جوهر»، فوجدوه قد حفر أساس قصر «المعز»، ورسم الخطوط
الرئيسية لمدينة «القاهرة»، فلما علم «المعز» بذلك سُرَّ سرورًا
عظيمًا، ولم يلبث الفاطميون فى «مصر» طويلا حتى امتدت دولتهم من
«مصر» شرقًا إلى المحيط الأطلنطى غربًا، وتحقق حلمهم فى
الاستيلاء على «مصر» واتخاذها حاضرة لخلافتهم الشيعية الفتية،
فأخذوا بذلك الخطوة الأولى لمد نفوذهم إلى الشام و «الحجاز» تمهيدًا
للاستيلاء على «بغداد».
سياسة جوهر فى مصر:
عمل «جوهر» على نشر العدل بين أهل «مصر»، وأمَّنهم على
ممتلكاتهم، وجلس للبت فى المظالم بنفسه رغم شواغله، فرد الحقوق
إلى أصحابها، وضرب بيد من حديد على أيدى العابثين بالنظام حتى
إذا كانوا من خاصته؛ لدرجة أنه عاقب بعض المغاربة بالقتل على إثم
كبير اقترفوه، كما برهن «جوهر» على حسن سياسته حين لجأ إلى
الوسائل السلمية لنشر المذهب الفاطمى، ولم يفرضه كرهًا، واتخذ من
المساجد مدارس يتلقى فيها الناس أصول مذهبه الشيعى، وذكر اسم
الخليفة الفاطمى فى خطبة الجمعة وأسقط اسم الخليفة العباسى،
فكان ذلك إيذانًا بزوال النفوذ العباسى، وزوال ملك الإخشيديين.
حكم «جوهر» «مصر» أربع سنوات هى من أصعب الفترات وأخطرها،