العلويين، ثم أرسل إلى «المعز» يستدعيه إلى «مصر»، فوافقه
«المعز»، وخرج من «المنصورية» بالمغرب فى شوَّال سنة (٣٦١هـ)،
ووصل إلى «القاهرة» فى رمضان سنة (٣٦٢هـ)، واستقبله أهل
«مصر» بالفوانيس، فأصبحت عادة فى استقبال شهر رمضان حتى
الآن، وأعلن «المعز» «القاهرة» عاصمة للخلافة الفاطمية، فأصبحت
«مصر» دار خلافة بعد أن كانت دار إمارة.
النفوذ الفاطمى يمتد إلى بلاد الشام:
حينما استقرت الأمور لجوهر الصقلى فى «مصر»، اتجه ببصره تجاه
بلاد الشام، وبذل جهودًا مضنية من أجل مد نفوذ سيده إلى هذه
البلاد، وجهز حملة كبيرة جعل قيادتها للقائد الكبير «جعفر ابن
فلاح»، الذى عُرِف بعقليته العسكرية الفريدة، فخرجت الحملة قاصدة
«دمشق»، واستولت فى طريقها على «الرملة» و «طبرية»، فلما علم
أهل «دمشق» بذلك خرجوا عن بكرة أبيهم حاملين السلاح مشاة
وفرسانًا لمواجهة هذه الحملة، والتقى الطرفان، وبذل أهالى
«دمشق» كل ما فى وسعهم، إلا أنهم هُزِموا فى النهاية، ودخل
«جعفر» وجنوده المدينة، فاعتبرها الجنود غنيمة ونهبوها، ولم
يكبح «جعفر» - بطبيعته الحربية - جماحهم، فقامت الثورة فى
«دمشق»، وتمكن «جعفر» من السيطرة عليها، وقبض على زعمائها،
فهدأت الأحوال، وأُقيمت الخطبة للمعز الفاطمى فى المحرم سنة
(٣٥٩هـ)، وزال سلطان العباسيين فى الشام.
كان «جعفر» على النقيض من «جوهر» فى الجانب السياسى، ففى
الوقت الذى تمكن فيه «جوهر الصقلى» من كبح جماح جنده، وتأليف
قلوب الناس فى «مصر» حوله ومعاملتهم بالحسنى؛ كان «جعفر»
يتعالى على أهالى «دمشق»، ويغلظ فى معاملتهم، كما ترك جنوده
فعاثوا فى المدينة فسادًا، وتمنى الدمشقيون زوال هؤلاء الفاطميين،
واستنجدوا بالقرامطة والأتراك.
الخطر القرمطى التركى:
كان استنجاد أهل «دمشق» بالقرامطة فرصة للحسن القرمطى
زعيمهم، فاتصل بأمير الرحبة - على «نهر الفرات» - وببعض القبائل