للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العربية، واتحد معهم على الفاطميين، لأن «جعفر بن فلاح» منع عنه

ثلاثمائة ألف دينار كانت «دمشق» تدفعها له سنويا، وخرج «الحسن

القرمطى» بمن اتحد معه قاصدًا «دمشق»، فلما وصل إليها دارت

رحى المعركة، وهُزم جيش الفاطميين، وقُتل «جعفر»، واستولى

القرامطة على «دمشق»، وأمر «الحسن القرمطى» بلعن «المعز

الفاطمى» من فوق المنابر، على الرغم من أن القرامطة شيعة

كالفاطميين.

وقد انتهز الروم فرصة الخلاف بين الفاطميين والشاميين، فأسرعوا

للاستيلاء على «دمشق»، وكانوا يقتلون ويسرقون ويحرقون كل ما

يقابلهم فى طريقهم إليها، ولكن «أفتكين» القائد التركى بالبلاط

العباسى أدركهم، وتفاوض مع إمبراطورهم، وتمكن من شراء رحيله

مع جنوده مقابل ثلاثين ألف دينار، ودخل «أفتكين» «دمشق» دون

قتال، وأعاد الخطبة فيها للخليفة العباسى، ثم عاد القرامطة سنة

(٣٦٥هـ)، وهاجموا «يافا» و «عكا» و «صيدا»، فتصاعد الخطر، ووجد

الفاطميون أنفسهم بالشام بين شِقَّى الرحا.

العزيز بالله بن المعز:

تولَّى «العزيز بالله» الدولة الفاطمية فى قمة مجدها، ولكنه كان رجلا

لا يعرف المستحيل، وحاول استمالة «أفتكين» القائد التركى إلى

صفه؛ ليجد طريقه إلى الشام، ولكن «أفتكين» أعرض عن مكاتباته،

ورد على محاولاته بصلف وعناد، فبعث إليه «العزيزُ بالله» القائد

«جوهرَ الصقلى» على رأس حملة كبيرة، فلما وصلت الحملة إلى

«دمشق» بعث «جوهر» بالأمان إلى «أفتكين» على أن يترك

«دمشق»، ولكن القائد التركى رفض واستنجد بالحسن القرمطى

الذى جاءه على عجل على رأس جيش كبير تصدى لحملة «جوهر»،

وأجبرها على التراجع عن «دمشق» إلى «الرملة» سنة (٣٦٦هـ)، ثم

إلى «عسقلان» بعد مناوشات بين الطرفين، فتحصن «جوهر»

بجنوده فى «عسقلان»، وحاصره «الحسن القرمطى» و «أفتكين»،

وطال الحصار حتى نفد ما مع جيش «جوهر» من زاد، فأكلوا دوابهم،

ثم بحثوا عن الميتة فأكلوها من شدة الجوع، فاضطر «جوهر» إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>