ناحية، والصليبيون من ناحية أخرى، ولم يبق بحوزة الفاطميين فى
أوائل عهد الخليفة الظاهر إلا «مصر» وبعض البلاد الشامية.
٤ - العباسيون فى بغداد:
لاشك أن الخلافتين الفاطمية والعباسية كانتا على طرفى نقيض؛
لاعتقاد كل منهما أنها أحق بالخلافة، وأن الأخرى مغتصبة لها، فقد
قامت الخلافة الفاطمية - أساسًا - فى «إفريقية»، وهى أرض تابعة
للخلافة العباسية، وامتد نفوذهم على مساحة كبيرة من الأرض هى
أيضًا تابعة لهم، مثل «برقة» و «مصر»، ولم يحاول العباسيون صد
الحملة الأخيرة للفاطميين على «مصر»، فتأسست مدينة «القاهرة»
لتنافس «بغداد»، وامتد سلطانها ليشمل «الشام» و «فلسطين»
و «الحجاز»، بل إن البويهيين الشيعة فكروا فى إلغاء الخلافة
العباسية فى «بغداد»، إلا أن خوفهم على نفوذهم هو الذى منعهم
من إتمام هذا الأمر، ففضلوا خليفة سنيا ضعيفًا خاضعًا لهم على خليفة
فاطمى قوى يخضعون له، ومع ذلك فقد جاهر «بهاء الدولة بن بويه»
بمناصرته للفاطميين، فأصدر الخليفة العباسى «القادر» منشورًا فى
سنة (٤٠٢هـ) يقدح فيه فى نسب الفاطميين، وحذا ابنه وخليفته
«القائم» حذوه، وطعن فى نسبهم، وشفع ذلك بوثيقة عليه توقيعات
علماء «بغداد»، تمامًا كما فعل أبوه من قبل، ولكن هذا لم يؤتِ
ثماره المرجوة، وامتد النفوذ الفاطمى حولا كاملا، مما جرَّأ العامة
على نهب دار الخلافة العباسية، وأُرْسِلَت عمامة الخليفة القائم
وعرشه وخلعته إلى «القاهرة»، ثم بيعت أثناء الشدة المستنصرية،
وظل أمر الشيعة غالبًا بالعراق حتى استنجد الخليفة بالسلاجقة،
فقدِم «طغرل بك» وقتل «البساسيرى» سنة (٤٥١هـ)، وحاول التوسع
فى الشام على حساب الفاطميين، وتمكن «ملكشاه» من فتح
«الرملة» و «بيت المقدس» و «دمشق» وتقدمت جيوشه صوب «مصر»،
فأوقفها «بدر الجمالى» وتمكن من تحقيق النصر عليها، وبذلك
أصبحت مملكة الفاطميين نهبًا مباحًا لكل طامع، وتقلص نفوذها حتى