بزغ نجم «مصر» عاليًا فى مجال الصناعة فى عهد الفاطميين، وبرع
المصريون فى صناعة المنسوجات، وزادت ثروتهم من صادرات هذه
الصناعة لاسيما منتجات «دمياط» و «تنيس» و «الأشمونيين»، التى
نالت منسوجاتها شهرة عالمية. كذلك ارتقت صناعات الفرش والسجاد
والسيرج والذهب والفضة، ورُصِّع عرش الخلافة الفاطمية بمائة وسبعةَ
عشر ألف مثقال من الذهب، ووُضع ستار قبالة هذا العرش رُصِّع بألف
وخمسمائة وستين قطعة من الجواهر المختلفة الألوان، وحُلى
بثلاثمائة ألف مثقال من الذهب الخالص، وكان لدى المستنصر طاووس
من الذهب مرصع بالأحجار الكريمة، وعيناه من الياقوت، وريشه من
الزجاج المموه بالذهب، كما وجد بدار الوزير «الأفضل» ثمانية تماثيل
لثمانى جوارٍ متقابلات، أربع منهن بيضاوات والأربع الأخر لونهن
أسود، مرتديات أفخر الثياب، متزينات بأثمن الجواهر، إذا دخل
«الأفضل» من باب المجلس نكسن رءوسهن إجلالا له.
كذلك برع المصريون فى صناعة الأطباق والصحاف والزجاج، لدرجة
أنهم استطاعوا إنتاج نوع شفاف من الزجاج يشبه «الزمرد» لنقائه
الشديد فكان يباع بالوزن.
وقد نشطت التجارة بين «مصر» والعالم نشاطًا ملحوظًا، وكانت حركة
السفن التجارية لا تتوقف غدوا ورواحًا بميناءى «عيذاب»، و «القلزم»
(السويس)، وكانت نسبة الضرائب تزيد وتنقص تبعًا لزيادة المحصول
وقلته نتيجة الزيادة أو النقصان فى ماء النيل، وبلغت ضريبة الفدان
فى عهد «المعز» سبعة دنانير، وبلغت ضريبة الرءوس دينارًا وربع
الدينار عن كل فرد، ثم كانت الجزية التى تُحصَّل من قادرى اليهود
والنصارى دون ظلم أو إجحاف مقابل رعايتهم وإعفائهم من الخدمة
العسكرية، ولم تكن الجزية مبلغًا كبيرًا لقلة عدد اليهود والنصارى
بعد تحول معظم المصريين إلى الإسلام.
وفرضت الضرائب على الصناع والحرفيين، وروعى فيها العدل -غالبًا-
أثناء قوة الخلافة الفاطمية وخلفائها، فلما حَلَّ الضعف بها وتسلط