للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التى قامت فى وجه «صلاح الدين» لم تمكنه من مساعدة «نور الدين»

فى حربه، وظل على ذلك حتى وفاة «نورالدين» سنة (٥٦٩هـ)،

فتولى من بعده ابنه الملك «إسماعيل بن نور الدين» وكان لايزال

طفلا صغيرًا، فضعفت الدولة فى عهده.

د - وحدة المسلمين:

كان لنجاح «صلاح الدين» فى التغلب على الفتن الداخلية التى

واجهته منذ أن أصبح وزيرًا بمصر، وارتداد الحملة الصليبية إلى

«دمياط» سنة (٥٦٤هـ) أكبر الأثر فى ذيوع اسمه فى أرجاء العالم

الإسلامى، ونظر إليه الناس نظرة إجلال، واعتبروه أحد القادة

العظماء؛ لوقوفه فى وجه الصليبيين، ونجاحه فى فتح

«اليمن»،ونجاحه فى القضاء على حركة «عمارة اليمن».

وقد أثرت وفاة «نور الدين محمود» على دولته فى بلاد الشام، وقام

تنازع شديد بين الأمراء على مَن يعتلى العرش، وانتهى الأمر بتولية

«إسماعيل بن نور الدين» عرش أبيه وهو مايزال فى الحادية عشرة

منْ عمره، فوقع فريسة للصراع بين الأمراء، وضاعت بذلك هيبة

الدولة النورية وقوتها، وبدت عليها مظاهر التفكك والضعف لدرجة أن

أحد الأمراء لم يقو على مواجهة الفرنجة وقتالهم، فعمل على

مهادنتهم واسترضائهم بالمال؛ ليأمن شرهم ويتجنب مواجهتهم.

كان «صلاح الدين» متابعًا للأحداث التى تجرى فى العالم الإسلامى

من حوله، فقرر التدخل فى شئون «الشام» وضمه إلى «مصر» كى

يحول دون وقوعه غنيمة فى أيدى الصليبيين، وليحمى «مصر»

والإمارات الإسلامية من أى خطر يهددها، وجعل هدفه توحيد صفوف

المسلمين وقوتهم فى جبهة واحدة؛ ليتمكنوا من صد الصليبيين

وحصرهم بين شِقَّى الرحى فى الجزيرة والشام من جهة، وفى

«مصر» من جهة أخرى، وانتظر «صلاح الدين» الفرصة لتحقيق ذلك

حتى واتته الفرصة حين استنجد به بعض أمراء «دمشق»، فسار إلى

الشام وتمكن دون قتال من السيطرة والاستيلاء على «دمشق» سنة

(٥٧٠هـ)، ثم على «حمص» و «حماة»، وحال الملك «الصالح

إسماعيل» دون دخوله إلى «حلب»، فقرر «صلاح الدين» حصارها،

<<  <  ج: ص:  >  >>