حتى استسلمت بعهد وأمان، ثم تتابع -بعد ذلك - استسلام باقى
المدن الساحلية التى تقع جنوب «عكا» وهى: «نابلس» و «الرملة»
و «قيسارية» و «أرسوف» و «يافا» و «بيروت»، وكذا المدن الواقعة
شمال «عكا» مثل: «الإسكندرونة»، وكلها حصلت على العهد بالأمان
من «صلاح الدين» الذى لم يبق أمامه سوى أن يمضى فى طريقه إلى
«فلسطين»، فاستسلمت «عسقلان» له أثناء مروره بها، وحانت
المواجهة الحاسمة لتحرير «بيت المقدس».
الفتح المبارك:
شاءت إرادة الله أن يكون تحرير «المسجد الأقصى» - أولى القبلتين
وثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -
على يدى البطل الشجاع «صلاح الدين الأيوبى»، الذى حاصر مدينة
«بيت المقدس» حتى اضطر مَنْ بداخلها إلى الاستسلام وطلب الصلح،
فأجابهم «صلاح الدين» إلى طلبهم وأمهلهم مدة أربعين يومًا للجلاء
عن المدينة ومعهم أمتعتهم، وترك بسماحته زوجة «أرناط» تخرج من
المدينة بسلام مع مَن خرج، ولم يتعرض «صلاح الدين» لأحد بسوء،
وسمح لبطريق المدينة بالخروج مثل باقى الأهالى الذين حملوا معهم
ثرواتهم وكنوزهم وتحفهم، ودخل «بيت المقدس»، وبدأ على الفور
فى إصلاحها، ورمَّم «المسجد الأقصى»، وأقام فيه فترة بعد أن
حرره من المغتصبين المستعمرين، ليعلو صوت الحق والعدل من جديد،
ويصبح «صلاح الدين» ثانى القادة الفاتحين - الذين دخلوا هذه
المدينة - بعد «عمر بن الخطاب» - رضى الله عنه-الذى فتحها الفتح
الأول.
صلح الرملة:
أوشكت الأمور على الاستقرار بعد الانتصارات العظيمة التى حققها
«صلاح الدين الأيوبى»، ولكن أوربا أرادت أن تحول دون تحقيق
ذلك، وأرسلت حملة من أقوى الحملات الصليبية وأكثرها عددًا وعدة
وعتادًا؛ ضمت ملوك أوربا بعد أن دعا البابا إلى حرب المسلمين،
وأعلن قدسية هذه الحرب، فتشكلت حملة من «ألمانيا» وأخرى من
«فرنسا» وثالثة من «إنجلترا»، وخرجت جميعها فى طريقها إلى