العيون» سنة (٥٧٤هـ) التى انتصر فيها عليهم، ثم موقعة «مخاضة
الأحزان» سنة (٥٧٥هـ)، ثم حدثت الهدنة بين الطرفين، ولكن الصليبيين
لم يكفُّوا عن محاولة السيطرة على «مصر» وبلاد الشام، وظل «صلاح
الدين» وفيا بعهده؛ لما عرف عنه من الشجاعة والمروءة والمحافظة
على العهد، إلى أن نقض «أرناط» حاكم «حصن الكرك» الهدنة معه
فى سنة (٥٨٣هـ)، وهاجم إحدى قوافل الحج، فكانت هذه الجريمة
هى الشرارة التى أشعلت نار الحرب بين الفريقين، فقد غضب «صلاح
الدين» من هذا العمل الوحشى، خاصة وأن القافلة كانت فى طريقها
إلى حج بيت الله الحرام، فهدد «صلاح الدين» «أرناط» وأنذره بالقتل
إذا تمكن منه، وأعد عدته لقتال الصليبيين، ووافته الإمدادات من
المدن الشامية والمصرية، وسار إلى «طبرية» وحاصرها، فلما علم
الصليبيون باستعداداته الحربية اجتمعوا ببلدة تُدعى «صفورية»،
وتناقشوا فى خطة الحرب الواجب اتباعها إزاء «صلاح الدين»،
واستقر رأيهم على هجوم المسلمين، وتقدموا واحتلوا تلا على مقربة
من «حِطِّين» فى الوقت الذى تمكن فىه «صلاح الدين» من السيطرة
على مدينة «طبرية» باستثناء قلعتها التى استعصت عليه، فتركها
ومضى لملاقاة الصليبيين.
وفى سنة (٥٨٣هـ = يولية ١١٨٧م) دارت الموقعة الحاسمة بين جيش
المسلمين بقيادة البطل الشجاع «صلاح الدين» وبين الصليبيين، فشن
جيش المسلمين حملة هزت جنبات «حطين»، وكان نداء «الله أكبر»
و «لا إله إلا الله محمد رسول الله» حافزًا قويا ومؤثرًا فى دخول
الجنود المعركة ولا هم لهم إلا النصر أو الشهادة، فنصرهم الله نصرًا
مؤزرًا، ونال الصليبيون هزيمة ساحقة، وفر مَنْ بقى منهم هربًا،
فسجد «صلاح الدين» شكرًا لله على ما منحه من نصر، وكان هذا
الانتصار فاتحة خير على المسلمين، وبداية لسلسلة من الانتصارات
على الصليبيين، واستسلمت «قلعة طبرية» وسلمت لصلاح الدين عقب
هذا الانتصار، واتجه «صلاح الدين» صوب الساحل وحاصر «عكا»