للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلع الثمينة، فوزع «العادل» حكم مملكته الواسعة بين أبنائه

التسعة عشر نيابة عنه؛ ليضمن وحدتها وتماسكها، فأناب ابنه

«الكامل» عنه فى «مصر»، وجعل «المعظَّم عيسى» على الشام،

و «نجم الدين أيوب» على «ميافارقين» ونواحيها، وأناب ابنه

«الأشرف مظفر» على «الولايات الشرقية».

وقد ضمن «العادل» وحدة دولته فى حياته، إلا أنه تركها إرثًا موزعًا

بين أبنائه بعد وفاته، فكان لذلك أثره الخطير فى قوة الدولة

وتماسكها.

وحين سمع «العادل» بسقوط «برج السلسلة» بدمياط حزن حزنًا

شديدًا، فمرض ومات سنة (٦١٥هـ)، وكتم أصحابه خبر موته ونقلوه

إلى «دمشق»، حيث تولى ابنه «الكامل» حكم «مصر».

كان «العادل» حاكمًا عادلا، ذكيا، حليمًا، حسن التدبير، محبًا للعلماء

والأدباء ومشجعًا لهم، كما كان سياسيا محنكًا، قام برحلات عديدة

جاب بها أطراف مملكته الشاسعة، كى يضمن استتباب الأمن والنظام،

كما كان متفقدًا لأحوال أبنائه فى الأقاليم التى أنابهم عنه فى

حكمها.

الكامل ناصر الدين [٦١٥ - ٦٣٥هـ = ١٢١٨ - ١٢٣٧م]:

حكم «الكامل» «مصر» نيابة عن أبيه «العادل» فى حياته، فلما مات

استقل الكامل بحكم «مصر» فى ظروف حرجة، إذ كان الصليبيون

منتصرين فى «دمياط»، وكان عليه دحر هذا الانتصار الذى أدى إلى

موت أبيه كمدًا، وخرج عليه عدد من الأمراء لعزله فى الوقت الذى

يتصدى فيه للصليبيين بدمياط، فتمكن من التغلب عليهم، ولكن

الصليبيين استغلوا حالة التمرد والتفكك الداخلى واستولوا على

«دمياط»، إلا أن «الكامل» استطاع توحيد بلاد المسلمين، وتمكن من

دخول «نابلس»، وتحرير «بيت المقدس»، واتسع ملكه لدرجة جعلت

أئمة المساجد يدعون له من فوق المنابر بقولهم: «سلطان مكة

وعبيرها، واليمن وزبيرها، ومصر وصعيدها، والشام وصناديدها،

والجزيرة ووليدها، سلطان القبلتين، ورب العلامتين، وخادم الحرمين

الشريفين».

ورث عن أبيه صفاته الطيبة، فكان قائدًا قديرًا، وسياسيا بارعًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>