وإداريا نشيطًا، حازمًا يدير أمور دولته بنفسه، لدرجة أنه لم يعين
وزيرًا بعد وفاة وزير أبيه، وقام بالأمر بمفرده، وكان محبا للحديث،
مشجعًا للعلماء والأدباء، فقد كان عالمًا، ينظم الشعر ويجيده. ظل
فى حكم البلاد التى تحت يديه حتى وفاته سنة (٦٣٥هـ)، فأخذت
الدولة فى الضعف والانحلال من بعده.
العادل الثانى [٦٣٥ - ٦٣٧هـ = ١٢٣٧ - ١٢٤٠م]:
يُطلَق اسم «العادل الصغير» أو «العادل الثانى» على هذا السلطان،
تمييزًا له عن الملك «العادل» أخى «صلاح الدين»، وقد كان «العادل
الثانى» نائبًا عن أبيه «الكامل» فى حكم «مصر»، فلما مات أبوه
أصبح سلطانًا على «مصر»، ولكن اضطراب الأوضاع، وضعف الدولة
جعلاه لا يستمر طويلا فى حكم البلاد، فتولى أخوه «الصالح نجم
الدين أيوب» الحكم من بعده.
الصالح نجم الدين أيوب (٦٣٧ - ٦٤٧هـ = ١٢٤٠ - ١٢٤٩]:
ورث «الصالح نجم الدين أيوب» عرشًا مضطربًا، مزعزع الأركان جلب
عليه الكثير من المشاكل والمتاعب، فدبر أموره، وأعد عدته وتمكن
من القضاء على أكثر هذه المصاعب التى واجهته رغم شدتها، فلما
تم له ما أراد تحول بقوته إلى مواجهة الصليبيين، ولم يألُ جهدًا فى
جهاده ضدهم، واستطاع استعادة «بيت المقدس» ثانية من قبضتهم،
فاستقرت له الأحوال، وحل السلام بينه وبين أمراء مملكته، وتفرغ
لمواصلة جهاده ضد الصليبيين؛ أملا منه فى تحرير البلاد كافة من
أطماعهم.
بداية المماليك:
أكثر «الصالح نجم الدين أيوب» من استجلاب المماليك لمساعدته فى
حروبه ضد الصليبيين، فنبغ منهم عدة أشخاص كان لهم أكبر الأثر
فى تغيير مجرى السياسة المصرية، ومنهم «شجرة الدر» الأرمينية
الأصل، والتى كانت أم ولد للصالح نجم الدين أيوب، ولازمته فى
حياة أبيه «الكامل»، وظلت معه بذكائها حتى أنجبت من «الصالح
أيوب» ابنه «خليل» فتوطدت مكانتها، فلما أصبح سلطانًا على
«مصر» اتخذها إلى جواره ملكة غير متوَّجة، فقد كانت تعمل على
راحته، ووجد فيها ما يحبه.