الخطبة وهو من أعظم الجوامع لاتساع أرجائه، وكثرة زخرفته، وفى
وسطه قبة تليها مقصورة ليصلى فيها السلطان صلاة الجمعة، وبصدر
الدهاليز مدخل يوصل إلى الإيوان الكبير الذى نُصب به سرير الملك؛
وهو منبر من الرخام، وتمتد من هذا الإيوان مساحة كبيرة بها القصر
الذى بناه «الظاهر بيبرس» فيما بعد.
صارت «قلعة الجبل» منذ تم بناؤها مقر الدواوين السلطانية ودور
الحكومة، فقد كانت حصينة جدا، وتشتمل على كثير من القصور،
والإيوانات، والطباق والأحواش، والميادين، والإصطبلات، والمساجد،
والمدارس، والأسواق، والحمامات، وكانت بها دار الوزارة، وديوان
الإنشاء، وديوان الجيش، ودار النيابة، وبيت المال، وخزانة السلطان
الخاصة، والدور السلطانية، وكذلك الأبراج التى كان الخارجون على
السلطان ونظام الدولة يُحبسون بها.
وكان نقش بابها: «بسم الله الرحمن الرحيم». أمر بإنشاء هذه القلعة
الباهرة، المجاورة لمحروسة القاهرة بالعرصة، التى جمعت نفعًا
وتحصينًا وسعة على من التجأ إلى ظل ملكه مولانا الملك الناصر
صلاح الدنيا والدين أبو المظفر يوسف بن أيوب محىى الدولة أمير
المؤمنين فى نظر أخيه وولى عهده الملك العادل سيف الدين أبى
بكر محمد خليل أمير المؤمنين، على يد أمير مملكته ومعين دولته
قراقوش عبدالله المكى الناصرى فى سنة تسع وسبعين وخمسمائة».
إنشاء المدارس:
عُنى «صلاح الدين» ببناء المدارس، فبنى مدرسة بالقرب من قبر
الإمام «الشافعى» بالقرافة، وبنى مدارس الناصرية والقمحية، وكذلك
نهج نهجه سلاطين «بنى أيوب»، فأسس الملك «الكامل» مدرسة دار
الحديث الكاملية؛ نسبة إليه، وكانت عبارة عن بناء متجه إلى القبلة،
وفى وسطه صحن كبير مربع، وفى كل جانب من جوانبه الأربعة
إيوان، وتعلوها قبة تحتها محراب، ومن ثَمََّ لم تختلف المدارس عن
المساجد من حيث الهيئة والشكل.
وكان الطلبة يذهبون إلى تلك المدارس بانتظام لتلقى العلم مجانًا،