أيدى العثمانيين فى موقعة «الريدانية» الشهيرة فى ظاهر
«القاهرة»، ودخل العثمانيون «مصر»، وحاول المصريون مساندة
«طومان باى» فى هذه الظروف لحبهم الشديد له، إلا أنهم لم
يستطيعوا إيقاف زحف العثمانيين على «مصر»، فخرج «طومان باى»
إلى «مديرية البحيرة» فى محاولة منه لاستجماع قوته وجنوده،
ولكن العثمانيين تمكنوا منه وقبضوا عليه، ثم شنقوه على «باب
زويلة» سنة (٩٢٣هـ)، بعدما بذل كل جهوده وأدى واجبه فى سبيل
الدفاع عن دولته، إلا أن ظروف عصره لم تمكنه من تحقيق ما أراد،
فسقطت بذلك دولة المماليك ونظامهم، ودخلت «مصر» مرحلة جديدة
باتت فيها تحت حكم العثمانيين.
المماليك حماة الإسلام:
إن المتتبع لأحداث العالم الإسلامى عبر صفحات التاريخ، سوف يجد
أمرًا فريدًا تميزت به بلاد المسلمين عن غيرها من بلاد العالم، وكان
الدين الإسلامى هو العامل الرئيسى والوحيد وراء هذا التميز والتفرد،
فنجد فى تاريخ المسلمين عبر فتراته المختلفة أن الدين الإسلامى هو
سر القوة الكامن فيهم وفى وحدتهم، ويجد المتتبع أن دولة الإسلام
إذا حل بها ضعف فى مكان ما منها؛ فسرعان ما تقوم قوة إسلامية
فى مكان آخر لتعوض هذا الضعف، وترفع راية الجهاد، لكى تستكمل
مسيرة البناء والحضارة، فنجد أن الخلافة حين ضعفت فى «بغداد»
ظهرت قوة الأيوبيين والمماليك فى «مصر»، فلما حل الضعف
بالمماليك، قامت قوة العثمانيين، وهكذا فى تتابع عجيب؛ ليؤدى
كلٌّ دوره الحضارى والتاريخى فى هذا البناء العظيم الذى أقامه
المسلمون فى كل مكان حل به الإسلام.
ولأن المماليك إحدى هذه القوى التى قامت باستكمال ما عجزت عنه
بعض القوى الأخرى نتيجة قصور فى شىء أو ضعف ما، فقد قاموا
بخدمات جليلة لرفع شأن الإسلام، وتعظيم هيبة المسلمين، وجاهدوا
فى سبيل تحقيق ذلك بأموالهم وأوقاتهم وأرواحهم، وخاضوا غمار
المعارك للذود عن الإسلام والمسلمين، وفيما يلى سوف نعرض لأهم
المعارك التى خاضوها.