«فاسكودى جاما» على إثارة القلاقل فى الدول الإسلامية المتاخمة
لطريقهم إلى المشرق محاولين بذلك السيطرة على طرق التجارة بين
الشرق والغرب، إلا أن سلاطين المماليك وقفوا لهم بالمرصاد،
واستطاعوا ردهم على أعقابهم أكثر من مرة، على الرغم مما كان
يعانيه هؤلاء السلاطين من الفتن والاضطرابات داخل البلاد.
حاول «الغورى» إعادة السيطرة البحرية إلى بلاده ودعم موقفه،
وبعث إلى البابا يهدده إذا لم يكف البرتغاليون عن غاراتهم، إلا أن
الضعف العام الذى حل بالدولة نتيجة الاضطرابات وزيادة نفقات
المماليك أدى إلى سيطرة البرتغاليين على طرق التجارة، وعمل
«الغورى» على رد غارات البرتغاليين، وأخذ يستعد لذلك، إلا أن
الدولة العثمانية أرسلت قوة حربية للسيطرة على بلاد الشام، ثم
أمدت هذه القوة بالجنود والمعدات وحولتها إلى جيش كبير حارب
المماليك فى منطقة «مرج دابق» بالشام، فتمكن العثمانيون من
هزيمة المماليك، وقتلوا السلطان «الغورى» الذى كان يقود الجيش
بنفسه فى سنة (٩٢٢هـ).
السلطان طومان باى الثانى [٩٢٢ - ٩٢٣ هـ = ١٥١٦ - ١٥١٧م]:
بعد مقتل «الغورى» بالشام استقر الرأى على تعيين «طومان باى»
ابن أخيه سلطانًا على «مصر»، وجلس «طومان باى» على العرش فى
فترة كانت شديدة الحرج فى تاريخ «مصر»؛ إذ سيطر العثمانيون
على الشام، وساءت الأحوال بمصر بعد هزيمة «مرج دابق»، ولم
يكتفِ العثمانيون بما حققوا، بل يمموا شطر «مصر» فى محاولة منهم
للسيطرة عليها.
حاول «طومان باى» السيطرة على الموقف، وقام بعدة أعمال فى
سبيل تحقيق ذلك، وفض الخصومة التى كانت قائمة بين المماليك
وصالح بينهم، وساعده فى ذلك حب الشعب له لإخلاصه ووفائه
وتفانيه فى خدمة المسلمين.
باءت كل محاولات «طومان باى» بالفشل فى إعادة المماليك إلى
قوتهم الأولى التى كانوا عليها فى عصور النهضة، فقد أنهكتهم
الاضطرابات، وقضت على وحدتهم الفتن، فانتهى الأمر بهزيمتهم على