السيطرة عليها ثأرًا لبعض التجار المسلمين الذىن قتلهم الصليبيون،
وزحف بجيشه وحاصرها إلا أنه مات قبل أن يتمكن من دخولها،
وبقيت «عكا» فى أيدى الصليبيين حتى تولى «الأشرف خليل بن
قلاوون» مهام السلطنة، وتمكن من فتح «عكا» ودخولها فى سنة
(٦٩٢هـ) بعد حصار ظل أربعة وأربعين يومًا، فعادت «عكا» إلى
أيدى المسلمين بعد أن بقيت مائة عام كاملة تحت سيطرة الصليبيين،
ثم توجه الأشرف بجيشه تجاه «صور»، و «حيفا» وتمكن منهما بعد
جهاد عنيف أشاد به الشعراء ونظموا له القصائد، وهكذا تمكن
«الأشرف خليل» من تحقيق هدفه وأمل أبيه من قبله، وقضى على
بقايا الجيوب الصليبية فى الشام، وبذلك قضى على دولتهم فيها،
فاتخذوا من جزيرة «أرواد» مستقرا لهم، وأخذوا يغيرون منه على
سكان المدن الإسلامية فى الشام، وقطعوا الطريق على المارة،
فاستغاث نائب السلطان على الشام بالسلطان «الناصر محمد بن
قلاوون» الذى آلت إليه السلطنة.
جهاد الناصر محمد:
حين بلغت «الناصر محمد» استغاثة نائبه على الشام، جهز أسطوله
البحرى وانضم به إلى جيش «طرابلس الشام» فى عام (٧٠٢هـ)،
وحاصر «جزيرة أرواد» بالجيش والأسطول معًا، وانتهى الأمر بهزيمة
ساحقة للصليبيين، وعودة هذه الجزيرة - ذات الموقع الاستراتيُجى
المهم، والتى افتتحها المسلمون الأوائل سنة (٥٤هـ) - إلى ظل الحكم
الإسلامى مرة ثانية، فانتهت دولة الصليبيين فى الشرق الأدنى
والأراضى المقدسة.
لم يتوقف «الناصر محمد» عند هذا الحد من الجهاد، بل تقابل فى سنة
(٧٠٢هـ) مع المغول بقيادة زعيمهم «غازان» فى «مرج الصقر» على
مقربة من «حمص»، فقد حاول المغول الثأر لهزيمتهم فى «عين
جالوت»، فواجههم «الناصر محمد» بما تميز به من شدة وبأس وقوة
عزيمة، وهزمهم هزيمة ساحقة مات على إثرها «غازان» زعيم المغول
حزنًا، وقوبل «الناصر محمد» بأعظم مظاهر الترحيب حين عودته من
الشام إلى «مصر»، وأقيمت له أقواس النصر، وخرج الشعب كله