لاستقباله وتهنئته والترحيب به.
لم يركن «الناصر محمد» إلى الراحة طيلة فترة حكمه للسلطنة، وعمد
إلى الحفاظ على وحدة بلاد المسلمين، ورفع شأنهم، وخرج إلى
«أرمينية» على رأس جيوشه حين نقضت العهد الذى كان بينها وبين
المسلمين، وصمم على غزوها والسيطرة عليها تأديبًا لحكامها على
نقضهم العهد، واجتاحت الجيوش الإسلامية بقيادته بلاد «أرمينية»،
وتمكنت منها ودخلتها سنة (٧٢٦هـ)، فعادت تبعيتها إلى الدولة
الإسلامية، وقامت بدفع نفقات جيش المسلمين.
لقد كتبت دولة المماليك بجهادها صفحة مجيدة من صفحات الجهاد فى
التاريخ الإسلامى، وقامت بدورها كاملا فى حماية أراضى البلاد
ومقدساتها من طمع أعدائها، سواء أكانوا من الصليبيين أم المغول،
وحافظت على استقرار الأمن ورفع شأن المسلمين، ولم يكن الجهاد
حكرًا فى هذه الحقبة من التاريخ على دولة «المماليك البحرية»
وحدها، بل كان لدولة «المماليك البرجية» دورهم البارز فى هذا
الشأن؛ إذ اشتبكت الجيوش الإسلامية فى عهد السلطان «برسباى»
مع الصليبيين فى «قبرص»، وتمكن المسلمون من هزيمتهم فى
موقعة «شيروكيتوم»، وأسروا ملك «قبرص» وجاءوا به إلى
«القاهرة»، وظلت «قبرص» تحت سيطرة المماليك حتى دخل
العثمانيون «مصر» سنة (٩٢٣هـ).