شأنهم باستيلاء العثمانيين على «مصر» سنة (١٥١٧م)، لأن هذه
النظم هى التى جعلت لهم السبق فى الاهتمام بالجانب الحربى،
وأهَّلتهم لخوض المعارك الطاحنة، ومكنتهم من بسط نفوذهم ومد
سلطانهم على «مصر» والشام و «الحجاز»، و «اليمن»، و «جزر
المتوسط»، ومع ذلك كانوا دائمًا يتطلعون إلى ترسيخ دعائم دولتهم،
وتحديث نظمهم ومعداتهم الحربية لأنهم يعلمون جيدًا أن عدوهم
متربص بهم من البر والبحر، فعمدوا إلى الاهتمام بالسلاح البحرى
إلى جانب اهتمامهم بتدريب الجند وتوفير ما يلزمهم.
البحرية فى عهد المماليك:
عندما آلت السلطة إلى سلاطين المماليك عمل «الظاهر بيبرس» منذ
سنة (٦٥٨هـ) على إعداد قوة بحرية قوية يستعين بها على صد
الأعداء المتربصين بالبلاد من جهة البحر، فاهتم بأمر الأسطول، ومنع
الناس من التصرف فى الأخشاب التى تصلح لصناعة السفن، وأمر
بإنشاء الشوائى (وهى السفن الحربية ذات الأبراج والقلاع العالية
للدفاع والهجوم) لكى تحمى «الإسكندرية» و «دمياط»، وكان
السلطان يذهب بنفسه إلى دار صناعة السفن بالجزيرة ويشرف على
تجهيز هذه الشوائى حتى تمكن فى النهاية من إعداد أسطول مكون
من أربعين قطعة حربية، سَيَّرها إلى «قبرص» فى سنة (٦٦٩هـ)، إلا
أن هذا الأسطول هلك، فقام «بيبرس» بإنشاء أسطول آخر مما يدلل
على المركز المالى القوى الذى تمتعت به دولة المماليك.
نسج الأشرف «خليل بن قلاوون» على منوال «الظاهر بيبرس» فى
عنايته بالأسطول، فقد أنشأ أسطولا مكونًا من ستين مركبًا جُهِّزت
بالآلات الحربية والرجال، وأقام احتفالا كبيرًا حضره الناس من كل
مكان حين ذهب إلى استعراض هذا الأسطول فى دار صناعة السفن
بجزيرة الروضة.
عُنى السلطان «الناصر محمد» بالأسطول مثلما فعل «بيبرس»
و «خليل» من قبله، فأصبح لمصر أسطول من أقوى أساطيل هذا
العهد، فقد كان يجمع بين «الشوائى»، و «الحراريق» (سفن حربية
أقل من الشوائى)، و «الطرادات» (سفن حربية سريعة الحركة صغيرة