بعدد من الموظفين منهم: «الجلواز»، و «الأعوان»، و «الأمناء»،
و «العدول»، فكان الرجال يجلسون فى جانب والنساء فى الجانب
الآخر. وقد بلغ راتب القاضى خمسين دينارًا شهريا، عدا ما كان
يحصل عليه من الأوقاف التى كان يتولى إدارتها، بالإضافة إلى ما
كان يجرى عليه من الغلال والشعير والخبز واللحم والكساء.
كان تنظيم القضاء فى دولة المماليك تنظيمًا دقيقًا، وبرز فى هذه
الدولة قضاة عرفوا بالنزاهة وطهارة الذمة وحسن السيرة، احترموا
مركزهم القضائى، ولم يقبلوا تدخل أحد - مهما يعلُ مركزه - فى
أعمالهم، وكثيرًا ما كانوا يطلبون إعفاءهم من مناصبهم - دون تردد -
إذا ما حاول أحد تهديد كرامتهم، أو الاعتداء من قريب أو بعيد على
استقلالهم، فقد كانوا لا يقبلون الرشوة ولا الهدية، لذا أصبحت لهم
مكانتهم الكريمة ومقامهم المرموق فى الدولة، وفى نظر السلاطين
والأمراء، وجميع طبقات الشعب، ولعل أبرز الأمثلة للتدليل عليهم:
«القاضى عبدالعزيز»، المعروف بعز الدين بن عبدالسلام (سلطان
العلماء)، و «القاضى تقى الدين عبدالرحمن الشافعى» ابن بنت
«الأعز»، و «القاضى تقى الدين محمد بن دقيق العيد»، وغيرهم، فقد
كانوا أمثلة عظيمة وواضحة لما يجب أن يكون عليه القاضى العادل
والشريف.
الإفتاء:
يلى القضاة فى الأهمية «مفتو دار العدل»، وقد كانوا أربعة يمثلون
المذاهب الإسلامية الأربعة، ولم تكن فى سلطتهم الفصل فى
الخصومات سواء أكانت بين المدنيين أم بين العسكريين أم بين
العسكريين والمدنيين، بل كانت مهمتهم شرح وتبيين حكم الشرع
فيما يُسألون عنه من المسائل الفقهية، كل حسب مذهبه.
المحتسب:
كانت مهمة المحتسب النظر فيما يتعلق بالجنايات والنظام العام،
وكان عليه الفصل فيها على وجه السرعة، وقد عهد إليه بالإشراف
على نظام الأسواق، وكان له نواب يطوفون فيها ويفتشون أماكنها،
ويشرفون على السَّقَّائين للتأكد من نظافتهم، وتغطيتهم القرب،