للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسنًا، ورد عليها برسالة مهذبة، أعلن فيها إسلامه صريحًا واضحًا.

وتُوفى «النجاشى» فى السنة التاسعة من الهجرة، ولما علم النبى

- صلى الله عليه وسلم - بذلك صلى عليه صلاة الغائب، وقد حفظ

المسلمون للحبشة موقفها من المهاجرين إليها، فظلت علاقاتهم بها

حسنة على الدوام.

حجة الوداع:

كانت «حجة الوداع» فى العام العاشر من الهجرة، وسُميت بذلك لأن

النبى - صلى الله عليه وسلم - انتقل إلى الرفيق الأعلى بعدها بوقت

قصير، ولأن العبارات التى افتتح بها النبى - صلى الله عليه وسلم -

خطبته كانت تفيد بأنه لن يلقى أمته بعدها فى الحج أبدًا، كما

سميت هذه الحجة بحجة البلاغ؛ لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - ذكر

فى نهاية الخطبة عبارات التبليغ لرسالته للناس.

والحج ركن من أركان الإسلام الخمسة فُرِضَ على المسلمين فى العام

التاسع للهجرة، فبعد عودته - صلى الله عليه وسلم - من غزوة «تبوك»

أرسل «أبا بكر الصديق» - رضى الله عنه - أميرًا على الحج، وقضى

هو أكثر من عام مشغولا باستقبال وفود العرب التى توالت عليه من

كل أنحاء شبه الجزيرة العربية، تعلن بيعتها وإسلامها، وكان النبى

- صلى الله عليه وسلم - يبعث مع كل وفد من يعلمهم أمور دينهم من

الصحابة.

ولما اطمأن أن الإسلام قد انتشر فى بلاد العرب، وتجاوزها إلى ما

حولها رغب أن يقوم بأداء فريضة الحج، ويعلِّم المسلمين المناسك

بطريقة عملية، ويوصيهم خيرًا، ويلخص لهم فى خطبة شرائع الإسلام

وأهدافه.

فخرج من «المدينة» فى ٢٥ من ذى القعدة من السنة العاشرة

للهجرة، وأحرم بالحج والعمرة من ذى الحُلَيْفة (٦)، وخلفه أكثر من

مائة ألف من المسلمين، وكان المشهد رائعًا ومهيبًا، ينحنى له

التاريخ إجلالا وتقديرًا، فها هو ذا الرجل الذى بدأ دعوته وحده،

والعرب جميعهم يقفون ضده، ويحاربونه بكل ما يملكون يلتفون

حوله، ويسيرون خلفه، ويقودهم فى تواضع وبر ورحمة ومودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>