وأخرجها من الظلمات إلى النور.
شخصية الرسول:
كانت أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصفاته الشخصية من أهم
العوامل التى ساعدت على تكوين المجتمع الإسلامى الأول تكوينًا
سليمًا، فقد كانت أخلاقه رخاءً وسماحة وصفاء، وحسبه أن الله
وصفه بقوله: {وإنك لعلى خلق عظيم}. [القلم: ٤].
كما كانت أخلاقه من الأسباب التى جمعت الناس حوله، لقوله تعالى:
{ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}.
[آل عمران: ١٥٩].
وعُرِفَ الرسول بأخلاقه السمحة قبل البعثة، فلم يسجد لصنم قط،
واشتهر بين أهله وقومه بالصادق الأمين، ولم يشترك فيما تعود
شباب «قريش» أن يقوموا به من عبث ومجون، ثم ازدادت أخلاقه
سموا بهدى الوحى، وأصبح أعظم العظماء فى كل شىء، فى
الصدق والأمانة، والوفاء والحياء، والشجاعة والكرم، والزهد، والصبر
على الشدائد، ومواجهة أعباء الرسالة، ومشكلات الحياة، رحيمًا فى
معاملة أصحابه، عارفًا بأقدارهم، عطوفًا على أهله وزوجاته.
وإذا كان الناس يقولون أن الرجل العظيم فى الحياة العامة قلما يكون
عظيمًا فى بيته، فإن «محمدًا» - صلى الله عليه وسلم - كان أعظم
العظماء فى التاريخ البشرى كله، فى الحياة العامة، وأعظمهم فى
بيته الذى ضم تسع زوجات، فى وقت واحد، من أعمار مختلفة ومن
قبائل مختلفة، بل ومن أجناس مختلفة، فمنهن العربية واليهودية
والمصرية، فكان المثل الأعلى معهن فى كل شىء، وكلهن يقدرن
شخصه وخلقه، وقد عاش بعضهن بعد موته أكثر من نصف قرن،
وألسنتهن تلهج بذكره والثناء عليه، فلم تشغله أعباء الرسالة
وتكاليفها، وتبعات الدولة ومسئولياتها عن القيام بواجباته نحوهن
على أكمل وجه، وكان يجد من الوقت ما يسمح له بملاطفتهن،
وإدخال السرور على قلوبهن.
وقد انبهر بأخلاق النبى - صلى الله عليه وسلم - عدد من كتاب الغرب،
فلم يسعهم إلا أن يقولوا كلمة الحق عنه، من ذلك ما قاله «وليم
موير»: «إن من صفات محمد الجديرة بالتنويه الرأفة والاحترام اللذين