للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يعامل بهما أصحابه، فإن التواضع وإنكار الذات والرأفة والأناة

والسماحة تغلغلت فى نفسه، فأحبه كل من حوله، ولم يكن الإصلاح

أعسر ولا أبعد منالا منه عند ظهور محمد، ولا نعلم نجاحًا تم كالذى

تركه عند وفاته».

ويقول الشاعر «لامارتين»: «إن محمدًا هو أعظم رجل بجميع المقاييس

التى وضعت لوزن العظمة الإنسانية، فإن كان مقياس العظمة

الإنسانية هو إصلاح شعب متدهور، فمن ذا الذى يطاول محمدًا فى

هذا المضمار. وإذا كان مقياس العظمة هو توحيد الإنسانية المفككة

الأوصال، فإن محمدًا أجدر الناس بهذه العظمة، لأنه جمع شمل العرب

بعد تفكك شامل. وإذا كان مقياس العظمة هو إقامة حكم السماء فى

الأرض، فمن ذا الذى ينافس محمدًا الذى محا مظاهر الوثنية، وثبت

عبادة الله وقوانينه فى عالم الوثنية والقوة».

أما الدكتور «مايكل هارت» فى كتابه «المائة الأوائل» فقد وضع

النبى - صلى الله عليه وسلم - على رأس القائمة، مبررًا ذلك أمام القراء

الغربيين الذين يكتب لهم فى الأساس بأنه «الإنسان الوحيد فى

التاريخ الذى نجح نجاحًا مطلقًا على المستوى الدينى والدنيوى،

ونشر الإسلام وهو من أعظم الديانات، وأصبح قائدًا سياسيا

وعسكريا ودينيا، وبعد مرور القرون العديدة فإن أثره لا يزال

متجددًا وقويا».

والحق أن جوانب العظمة والكمال الإنسانى فى شخصية الرسول لا

يستطيع أحد أن يحصرها أو يحيط بها، وستظل سيرته وأعماله

وأخلاقه مجالا رحبًا للبحث والدراسة، والتأمل والاقتداء.

مرض الرسول - صلى الله عليه وسلم - ووفاته

بدأ النبى - صلى الله عليه وسلم - يشعر بالمرض بعد عودته من حجة

الوداع بنحو شهرين، أى فى أواخر شهر صفر من العام الحادى عشر

للهجرة، وكان يشكو من الصداع، ويقول: «وارأساه».

وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - فى بداية مرضه يتحامل على

نفسه، ويخرج إلى الناس يصلى بهم إمامًا، فلما اشتد عليه المرض ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>