للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعد قادرًا على الخروج، أمر «أبا بكر الصديق» أن يصلى بهم إمامًا،

وأصرَّ على ذلك، ورفض أن يصلى بهم «عمر بن الخطاب»، وفى ذلك

إيماء إلى أفضلية «أبى بكر» - رضى الله عنه - على سائر الصحابة

كلهم.

وفى صبيحة يوم الاثنين الموافق (١٢ من شهر ربيع الأول سنة ١١هـ)

فاضت روح النبى - صلى الله عليه وسلم - الطاهرة إلى بارئها، فكان

ذلك صدمة قاسية للمسلمين، الذين روعتهم وفاة نبيهم إلى الحد الذى

جعل بعضهم لا يصدق أن النبى تُوفِّى - من هول الصدمة - منهم «عمر

بن الخطاب» الذى كان أكثرهم فزعًا وحزنًا، أما «أبو بكر الصديق»

فلم يكن موجودًا لحظة وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - بل كان فى

منزله بالسُّنح من ضواحى «المدينة» فلما بلغه الخبر المفجع جاء على

الفور، فوجد الناس واجمين، قد استبد بهم الحزن، وعمتهم الحيرة،

وغشيهم الكرب، ووجد «عمر بن الخطاب» يخطب فى الناس ويتهدد

ويتوعد من يقول إن النبى قد مات، فلم يكلمه، وقصد بيت ابنته

«عائشة» حيث جسد النبى - صلى الله عليه وسلم - مسجى هناك،

فكشف الغطاء عن وجهه الشريف وتأكد من وفاته، فقبله فى جبينه،

وقال: «بأبى أنت وأمى، طبت حيا وميتًا يارسول الله»، ثم خرج إلى

الناس، الذين كانوا ينتظرونه، وقد تعلقت به آمالهم، لعله يعلن أن

النبى لم يمت، ولكنه كان رجل الموقف العصيب، فأعلن الحقيقة التى

لا مفر من إعلانها للناس، ليواجهوا الموقف بكل أحزانه وتبعاته،

فقال للناس بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه: «أما بعد،

فمن كان يعبدُ محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبدُ اللهَ فإن الله

حى لا يموت»، ثم تلا قوله تعالى: {وما محمد إلا رسول قد خلت من

قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على

عقبيه فلن يضر الله شيئًا وسيجزى الله الشاكرين}. [آل عمران: ١٤٤].

فقال «عمر بن الخطاب» حين سمع «أبا بكر» يتلو هذه الآية: «كأنى

لم أسمعها من قبل».

<<  <  ج: ص:  >  >>