للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر، وترك ابنه «عبدالله» بالقيروان، خلفًا له فى إدارة «المغرب»،

وانطلق صوب المشرق فى سنة (٩٦هـ= ٧١٥م)، فانتهت بعودته إلى

المشرق أعمال الفتح المختلفة؛ وبدأ بالمغرب عصر جديد؛ هو عصر

الولاة.

لقد استمرت أعمال فتح «بلاد المغرب» نحو سبعين سنة، وأخذ ذلك

جهدًا كبيرًا؛ بذلت فيه الخلافة الإسلامية كثيرًا من الرجال والأموال،

وهذا يغاير بصورة واضحة أعمال الفتح الأخرى التى قام بها

المسلمون فى الأقاليم الأخرى، مثل: «الشام» و «مصر»، وكان لذلك

أسبابه، مما أخَّرَ عملية الفتح.

أولاً - طبيعة المكان:

لعل من أبرز أسباب تأخر فتح «بلاد المغرب» هو بُعْد هذه المنطقة

عن مقر الخلافة الإسلامية، فضلاً عن طبيعة منطقة القتال، وهى

ساحل ضيق، تركزت فيه مقاومة البيزنطيين، وتجاورها جبال

شاهقة، لجأت إليها جموع البربر واعتصمت بها، يضاف إلى ذلك

وجود صحراء واسعة يشق على المحارب اجتيازها.

ثانيًا - البيزنطيون:

وهم الذين استعمروا هذه المنطقة منذ زمن بعيد، ولذلك عرفوا

أهميتها، ومقدار خيراتها وثرواتها، فدافعوا عنها بكل ما يملكون

رغبة منهم فى إبقاء هذا المورد الثَّرِّ، الذى يدعمون بما يحصلون عليه

منه اقتصاد بلادهم وبقاء حضارتهم، وقد عمد البيزنطيون إلى محاربة

المسلمين، فضلا عن تأليب جموع البربر عليهم، كما حدث فى علاقة

«كسيلة» معهم.

ثالثًا - سكان البلاد (البربر):

بات «البربر» لا يرحبون بأى قادم نحوهم، دفاعًا عن حريتهم

وأرضهم، وذلك ناتج عن القهر والذل والهوان الذى سيطر عليهم

أعوامًا طويلة على يد الاستعمار الأجنبى لبلادهم، وكانت المقاومة

أشد وأعنف من قبل هؤلاء الذين نالوا حظا من الحضارة، حيث كانوا

ملاصقين للبيزنطيين، ومتأثرين بدعايتهم.

رابعًا - المسلمون الفاتحون:

لعل الأحداث السياسية التى كان يمر بها المشرق الإسلامى، فضلا عن

الفتن والثورات التى انشغلت بها الخلافة الإسلامية - آنذاك - من بين

أسباب تأخر فتح «بلاد المغرب».

<<  <  ج: ص:  >  >>