للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وازدادت معرفتهم بالدين الجديد الوافد عليهم، ودخله الكثيرون منهم،

ودخل «المغرب» فى طور جديد من التنظيم السياسى، ثم عُزل

«حسان»، وعُيِّن «موسى بن نصير» مكانه.

- موسى بن نصير:

وصل الوالى الجديد «موسى بن نصير» إلى «القيروان»، سنة (٨٦هـ=

٧٠٥م)، فألقى على الناس فور وصوله خطبة، أعلن لهم فيها سياسته

التى سينتهجها لفتح بقية أقاليم المغرب، ثم انطلق موسى على رأس

قواته إلى قلعة «زغوان» التى على مسيرة يوم من «القيروان»،

واستولى عليها، فى الوقت الذى أرسل فيه أبناءه على رأس

مجموعات من الجند لإخضاع المناطق المحيطة بالقيروان، وقد نجحوا

فى تحقيق ما خرجوا من أجله، وكان هدف «موسى» من ذلك تأمين

خطوطه الخلفية إذا ما خرج للجهاد بالمغربين الأوسط والأقصى، فلما

تحقق له ما أراد، انطلق إلى «المغرب الأوسط» وأخضع قبائله، وفتح

قلاعه وحصونه، ثم انطلق إلى «المغرب الأقصى»، متَّبعًا سياسته

التى سار عليها فى جميع حملاته العسكرية، وتتمثل فى توزيع

نشاطه العسكرى فى شتى الاتجاهات فى آنٍ واحد، لبث الرعب فى

قلوب الأعداء، فأُجبر البربر على الفرار إلى المناطق البعيدة، ونجح

فى بسط نفوذ المسلمين على «المغرب الأقصى» حتى بلاد «درعة»،

ثم استولى بعد ذلك على «طنجة»، وكان أول مَن نزلها، واختط فيها

للمسلمين، وجعل عليها مولاه «طارق بن زياد».

وقد اتبع «موسى بن نصير» سياسة من سبقه من الولاة فى نشر

الدين الإسلامى بين صفوف «البربر»، وترك الدعاة يحفظون الناس

القرآن الكريم، ويعلمونهم تعاليم الدين، وكذلك بنى المساجد،

وأشرك البربر -مثلما فعل «حسان» من قبل- فى حكم البلاد. ويتضح

ذلك فى توليته «طارق بن زياد» -الذى يرجع نسبه إلى البربر- شئون

«طنجة» عاصمة «المغرب الأقصى» وأهم مدنه - آنذاك- وقد قاد طارق

-فيما بعد- جيشًا كبيرًا من البربر لفتح بلاد «الأندلس».

ثم صدرت الأوامر من قِبَل الخلافة باستدعاء «موسى»، فأسرع بتنفيذ

<<  <  ج: ص:  >  >>