الجارود» للأمر، وهدأت الثورة، وعين الخليفة «الرشيد» «هرثمة بن
أعين» على إفريقية.
- هرثمة بن أعين:
تسلم «هرثمة» مهام منصبه بالقيروان فى ربيع الآخر سنة (١٧٩هـ=
يونيو ٧٩٥م)، فنهج سياسة حسنة فى رعاياه، وأعاد إليهم
استقرارهم وأمنهم، ثم شرع فى العمران والبناء، فأنشأ سورًا حول
«طرابلس»، وبنى القصر الكبير بالمنستير، ولم تحدث فى عهده
ثورات ذات أهمية، سوى ثورة «عياض بن وهب الهوارى»، إلا أن
«هرثمة» استطاع القضاء عليها فى مهدها.
ظل «هرثمة» بإفريقية نحو سنتين ونصف السنة، ثم ألح على الخلافة
فى أن تعفيه من منصبه، فأجابه الخليفة إلى طلبه، وعاد «هرثمة»
إلى المشرق.
- محمد بن مقاتل العكى:
اختاره «الرشيد» لتولى إمرة بلاد «المغرب الأدنى»، فوصلها فى
رمضان سنة (١٨١هـ= أكتوبر ٧٩٧م)، ويبدو أنه لم يكن على دراية
بأوضاعها، وظروف الجند بها، فوقع فى عدة أخطاء، وقطع أرزاق
الجند، وأساء معاملة وجوه القوم وزعمائهم، فثاروا عليه بقيادة
«تمام بن تميم التميمى» ثم توجه بها إلى «القيروان» وحاصرها، ثم
دخل مع «العكى» فى معركة وهزمه فيها، ولكن «إبراهيم بن
الأغلب» والى «الزاب» من قبل «العكى» كانت له طموحات فى هذه
المنطقة، فأسرع إلى نجدته بقواته، وقضى على جموع الثائرين.
وعمد «إبراهيم بن الأغلب» إلى التقرب إلى أهالى «القيروان»
لتحقيق أهدافه ومطامعه بالمنطقة، وظهر بمظهر المدافع عن سلطة
الخلافة وممتلكاتها، وقد ساعدته كراهية الناس لابن مقاتل العكى
فى تحقيق مبتغاه، وطلب منه وجهاء القوم مراسلة «الرشيد» وإعلامه
بمسلك «العكى» العدائى تجاه السكان، ومطالبة الرعية بعزله،
فاستجاب لمطلبهم، وبعث إلى «الرشيد» برسالة وضح له فيها هذه
الأمور، فعينه «الرشيد» على هذه الولاية، ودخل «المغرب الأدنى»
فى مرحلة سياسية جديدة عقب تولية «إبراهيم بن الأغلب» عليه،
الذى سعى إلى تحقيق أهدافه، والاستقلال بحكم المنطقة عن