تولى «أبو حاتم» الإمامة عقب وفاة والده «أبى اليقظان»، لأن أخاه
الأكبر «يقظان» كان غائبًا فى موسم الحج، وقد لعب العامة -بزعامة
«محمد بن رباح» و «محمد بن حماد» المعروفين بالشجاعة والنجدة-
دورًا بارزًا فى المطالبة ببيعة «أبى حاتم» بالإمامة لسخائه وكرمه،
ولكن هذا الدور الذى لعبه العامة أطمعهم فى التدخل فى شئون
الحكم وتحقيق المكاسب، فرفض «أبو حاتم» ذلك وضرب على أيديهم
وطردهم من المدينة، فعمدوا إلى تأليب القبائل ضده، ونجحوا فى
طرده من العاصمة «تهيرت»، وبايعوا عمه «يعقوب بن أفلح»
بالإمامة، فصار هناك إمامان من بيت واحد، يقفان وجهًا لوجه فى
صراعٍ دامٍ على السلطة، ولكن أحدهما لم يحقق نجاحًا ملموسًا على
الآخر، فاحتكما وعقدا هدنة، وعاد «أبو حاتم» إلى العاصمة إمامًا
على البلاد، وانسحب عمه «يعقوب» بعد أن حكم العاصمة «أربع
سنوات».
وقد حاول «أبو حاتم» إصلاح ما أفسدته الحروب داخل العاصمة
«تهيرت»، وكوَّن مجلسًا استشاريًا من زعماء القبائل ومشايخها
للاستعانة بهم فى إدارة البلاد، ولكن محاولاته الإصلاحية كانت
بمثابة صحوة الموت للبيت الرستمى، خاصة بعد أن ضعفت قوتهم
العسكرية فى محاولة لإنهاء الصراع الذى وقع حول مدينة
«طرابلس». وقد تآمر أفراد البيت الرستمى أنفسهم على حياة إمامهم
«أبى حاتم»، وقتلوه فى سنة (٢٩٤هـ=٩٠٧م).
اليقظان بن أبى اليقظان [٢٩٤هـ=٩٠٧م]:
بويع بالإمامة عقب مقتل أخيه فى سنة (٢٩٤هـ=٩٠٧م)، واتسم عهده
بالفتن والقلاقل، وتطلع مختلف القبائل والطوائف إلى الاستئثار
بالحكم، كما دبرت المؤامرات من داخل البيت الرستمى على يد
«دوسر» ابنة «أبى حاتم»، وتكاتفت فرق الخوارج مثل: «المالكية»
و «الواصلية» و «الشيعة» لإحباك الفتن والمؤامرات للإطاحة بالإمام،
وقد نجح «اليقظان» إلى حد بعيد فى كبح جماح هذه الطوائف والحد
من نشاطها، فهربت «دوسر»، ولجأت إلى «أبى عبدالله الشيعى»