هم أوسط العرب نسبًا ودارًا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين،
فبايعوا أيهما شئتم» يقصد «عمر» و «أباعبيدة»، ولكنهما رفضا أن
يتقدما على «أبى بكر»، وقالا: «لا والله لا نتولى هذا الأمر عليك،
فإنك أفضل المهاجرين، وثانى اثنين إذ هما فى الغار، وخليفة
رسول الله على الصلاة، والصلاة أفضل دين المسلمين، فمن ذا ينبغى
له أن يتقدمك، أو يتولى هذا الأمر عليك».
فقام الحاضرون فى السقيفة بمبايعة «أبى بكر» بيعة عُرفت بالبيعة
الخاصة، لأن كثيرًا من المسلمين لم يحضروها، وبخاصة آل بيت النبى
- صلى الله عليه وسلم - الذين كانوا مشغولين فى مراسم دفنه، وتمت
البيعة فى جو من السكينة والإخاء والود، بعد مشاورة ونقاش هادئ
ورزين، مما دل على إحساس عميق بالمسئولية من كبار الصحابة،
وضرورة استمرارية الدولة، وكراهيتهم أن يبيتوا ليلة واحدة بعد
وفاة نبيهم بدون إمام يدير أمورهم، ويواجه الموقف، ويتخذ ما يلزم
من قرارات، وقدموا ذلك على تجهيز النبى ودفنه - صلى الله عليه
وسلم -.
البيعة العامة:
وفى اليوم التالى بعد الانتهاء من دفن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - اجتمع المسلمون فى مسجده وبايعوا «أبا بكر» بيعة عامة،
حضرها جمهور الصحابة، وكأن البيعة الأولى كانت بمثابة ترشيح،
احتاجت إلى تصديق من عامة المسلمين وتوثيقهم.
والذى عليه جمهور علماء أهل السنة أن النبى - صلى الله عليه وسلم -
لم يعين خليفة له، ولم يوصِ بتعيين أحد، فلو أنه حدد لهم شخصًا
بعينه وجعله خليفة عليهم؛ لظن بعض الناس أنه تعيين من الله
ورسوله، وسيضفى على هذا الشخص نوعًا من القداسة تجعله فوق
النقد والمحاسبة، وهذا أمر خطير لا محالة، فولىُّ الأمر عند المسلمين
بشر، يخطئ ويصيب، فإذا أصاب أعانوه، وإذا أخطأ قوموه.
وكما لم يعين النبى - صلى الله عليه وسلم - شخصًا بعينه لتولِّى الأمر
من بعده، فإنه لم يحدد للمسلمين أيضًا الطريقة التى يختارون بها من