صهريجًا، لتزويد المدينة بالمياه اللازمة، وبنى بها دارًا لصناعة
السفن، فصارت مرفأ مهما وسوقًا رائجة للسلع التى كانت تحملها
السفن إليها من «الإسكندرية»، وقد فرغ من بنائها فى سنة (٣٠٥هـ=
٩١٧م)، ثم انتقل «المهدى» للإقامة بها فى سنة (٣٠٨هـ= ٩٢٠م)،
فاتسعت جنباتها، وزادت أسواقها، وازدهرت التجارة بها، وظلت
عامرة، وآهلة بالسكان، حتى استولى عليها خليفة الموحدين
«عبدالمؤمن بن على» فى سنة (٥٥٥هـ=١١٦٠م).
النشاط المذهبى للفاطميين ببلاد المغرب:
شهدت المنطقة طوال عهود الخلفاء الفاطميين فى المغرب صراعًا
مذهبيا بين المالكية - غالبية أهل السنة - وبين الشيعة، الذين
استخدموا كل الوسائل الممكنة، لنشر مذهبهم وطمس معالم المذاهب
الأخرى، وجعلوا الوظائف قاصرة على الشيعة، واستبدلوا قواعد
مذهبهم بأحكام المذهب السنى، وعقدوا المجالس والمناظرات لإقناع
أهل البلاد بصحة مبادئهم، ثم لجئوا إلى العنف والرعب والاضطهاد
حين فشلت وسائلهم فى إدخال سكان البلاد فى مذهبهم، ففشلت
هذه الوسائل أيضًا، حتى عاد المذهب السنى مذهبًا رسمياً للبلاد فى
عهد «المعز ابن باديس».