فلما ولى ابنه «المعز» الإمارة أصلح علاقته بالدولة الأموية فى
«الأندلس»، ثم توالى الأمراء على «فاس»، واتسمت فترة حكمهم
بكثرة الحروب، وكان «تميم بن معتصر بن حماد» الذى تولى فى
سنة (٤٦٠هـ= ١٠٦٨م) هو آخر الأمراء، وقد دخل فى صراع طويل مع
«المرابطين»، ولكنهم نجحوا فى دخول فاس فى سنة (٤٦٢هـ=
١٠٧٠م)، وقتل «تميم»، وطويت صفحة أمراء «مغرادة»، وتولى
المرابطون السلطة.
أما منطقة «سلاوتادلا»، فكانت خاضعة لأمراء «بنى يغرن»، الذين
دخلوا فى صراع مع أبناء عمومتهم من أمراء «مغرادة»، وكان آخر
أمرائهم هو «محمد بن تميم بن زيرى» الذى تولى الإمارة فى سنة
(٤٤٨هـ= ١٠٥٦م)، وقتل على أيدى المرابطين فى سنة (٤٦٢هـ=
١٠٧٠م).
أما «سجلماسة» و «درعة» فقد تولى حكمها «بنو خزردن» فى سنة
(٣٦٦هـ= ٩٧٦م)، واستمروا فى الحكم حتى أسقطهم المرابطون فى
سنة (٤٧٧هـ= ١٠٨٤م).
أما إمارة «برغواطة» - التى احتلت المناطق الساحلية جنوبى
«طنجة» إلى «آصيلا» واشتملت على مناطق «تامسنا» - التى أقامت
بها عدة قبائل من «زناتة»، فقد دخلت هذه الإمارة فى صراع مع
«بنى يغرن»، و «الأدارسة»، ثم مع المرابطين الذين قضوا على الحكم
فيها، وغيروا سياستها ونظمها.
قيام دولة المرابطين:
قامت «دولة المرابطين» على أساس دعوة دينية، نمت وازدهرت فى
«ديار الملثمين» بجنوب «المغرب الأقصى» بفضل جهود الفقيه
المالكى «عبدالله ابن ياسين»، الذى تمتع إلى جانب علمه وفقهه
ببعد النظر ونفاذ البصيرة، وتوجه إلى قبيلة «جدالة» بصحبة زعيمها
«يحيى بن إبراهيم»، ففرحت بمقدمه، ثم ما لبث هذا الفرح طويلا
حتى تحول إلى جفوة وإعراض حين بدأ «ابن ياسين» فى تغيير ما
ألفوه من عادات وملذات تخالف أحكام الدين، وحسبه الزعماء
والنبلاء ينتقص من حقوقهم، ويُسوِّى بينهم وبين مواليهم، وساءت
العلاقة بينهم وبين «ابن ياسين» ونهبوا داره وهدموها، واضطر هذا
الفقيه إلى الرحيل بمن تبعه إلى جزيرة منعزلة بالسنغال.