للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبدأ «ابن ياسين» فى هذه الجزيرة بإعداد التلاميذ ونشر الدعوة،

فذاع صيته، وكثر عدد أتباعه، فأطلق عليهم لقب: «المرابطين»،

ومضوا فى تنفيذ ما أمر به.

وقد بدأ المرابطون نشر دعوتهم بين قبيلة «جدالة» التى تمردت على

«ابن ياسين» من قبل، فقصدوا قبيلتى «لمتونة» و «سوقة» ونجحوا

فى نشر دعوتهم بينهما، فكان ذلك مدعاة لانضواء بقية القبائل تحت

لوائهم.

انتقال السلطة إلى قبيلة لمتونة:

تُوفِّى الأمير «يحيى بن إبراهيم الجدالى» فى سنة (٤٤٧هـ= ١٠٥٥م)،

فاختار «ابن ياسين» «يحيى بن محلاكاكين اللمتونى» قائدًا لجند

المرابطين، فنقل بذلك السلطة العسكرية من «جدالة» إلى «لمتونة»

التى كانت تتمتع بمكانة مرموقة بين بقية «قبائل الملثمين»، فضلا

عن سيطرتها على طرق التجارة الساحلية، وهكذا ظهرت قبيلة

«لمتونة» على مسرح الأحداث، وتتابع أبناؤها فى السلطة حتى

نهاية حكم المرابطين.

وفى سنة (٤٤٧هـ= ١٠٥٥م) استغاث فقهاء «درعة» و «سجلماسة»

بعبدالله بن ياسين لإنقاذ بلادهم من الفساد والظلم، فاستجاب لهذه

الدعوة، وخرج بجيشه متوجهًا إلى «درعة» و «سجلماسة»، وتمكن

من القضاء على أمراء «مغرادة»، وولى المرابطون عمالا تابعين لهم

على هذه البلاد.

ولم يستمر الهدوء طويلاً بمدينة «سجلماسة» وقامت بها ثورة؛

اضطرت المرابطين بقيادة «يحيى بن محلاكاكين» إلى العودة إليها،

ونجحوا فى إخماد ثورتها، إلا أن قائدهم «يحيى اللمتونى» استشهد

فى المعركة، فوقع اختيار «ابن ياسين» على الأمير «أبى بكر بن

عمر» فى سنة (٤٤٨هـ= ١٠٥٦م) لقيادة الجيوش، فانتقل «أبو بكر»

بالدعوة من مرحلة تلبية نداء المعونة لسجلماسة و «درعة» إلى مرحلة

الغزو المسلح للمغرب الأقصى، ودخل مع قبائل «برغواطة» التى

اعتنقت المجوسية فى عدة معارك، فأصيب الداعية «ابن ياسين» فى

إحداها بإصابات قاتلة أودت بحياته فى سنة (٤٥١هـ= ١٠٥٩م).

وواصل «أبو بكر» جهاده، وفرَّق جموع «برغواطة»، واستأصل

<<  <  ج: ص:  >  >>