المتخصصين فى كل علم وفن، وقد لقى هؤلاء من الدولة معاملة
حسنة وأغدقت عليهم المنح والعطايا، وولتهم المناصب الرفيعة حتى
ينهضوا بالمستوى التعليمى والفكرى فى البلاد.
واستعاد المذهب المالكى مكانته بدولة «بنى زيان» كما استعاده
فى بقية الدول الأخرى عقب سقوط «دولة الموحدين»، وازدهرت علوم
التفسير والفقه والحديث والمنطق والجدل والكلام، وغيرها من العلوم،
وتبوأت مجموعة من العلماء مكانة ممتازة لدى «بنى زيان»، منهم:
«أبو إسحاق إبراهيم بن يخلف التنسى» المتوفى عام (٦٨٠هـ=
١٢٨١م)، و «أبو عبدالله محمد بن محمد المقرى» المتوفى عام (٧٥٩هـ=
١٣٥٨م) والذى تتلمذ على يديه مجموعة من العلماء النابغين، أمثال:
ابن الخطيب، وابن خلدون، والشاطبى وغيرهم.
وبرزت كذلك جماعة من العلماء فى علوم اللغة والأدب منهم: «أبو
عبدالله بن عمر بن خميس التلمسانى» المتوفى عام (٧٠٨هـ= ١٣٠٨م)،
وقد أشرف على «ديوان الإنشاء» بتلمسان فى عهد «عثمان بن
يغمراس»، و «أبو عبدالله محمد بن منصور القرشى التلمسانى» الذى
أنشأ «ديوان الرسائل» فى عهد أبى حمو الأول.
الدولة الحفصية:
[٦٢٥ - ٨٩٣ هـ= ١٢٢٨ - ١٤٨٨م]:
ينتسب الحفصيون إلى «أبى حفص عمر بن يحيى» الذى ينتمى إلى
«قبيلة هنتانة»، وهى من قبائل المصامدة التى عاشت بالمغرب
الأقصى، واتخذت المعاقل والحصون، وشيدت المبانى والقصور،
وامتهنوا الفلاحة وزراعة الأرض. وقد طمع الحفصيون فى الاستقلال
بإفريقية بعد هزيمة الموحدين فى معركة «العقاب» بالأندلس فى
سنة (٦٠٩هـ= ١٢١٢م)، وعملوا على تحقيق ذلك حتى سنة (٦٢٥هـ=
١٢٢٨م)، فوصل «أبو زكريا بن عبدالواحد الحفصى» إلى مقعد
الإمارة بتونس، ومهد لقيام «دولة الحفصيين» حتى سنة (٦٢٧هـ=
١٢٣٠م) فبايعه الحفصيون واستقل عن طاعة الموحدين وضم إليه
«الجزائر» و «تلمسان».
وقد واجهت الدولة الحفصية عدة ثورات، إلا أنها تمكنت من القضاء
عليها فى عهد قوتها، فلما حل الضعف بخلفاء الأمير «أبى زكريا