وفنون القتال، لأن السيطرة على هذه القنطرة تيسّر له طريق العود.
استقر «طارق بن زياد» فى «طليطلة»، فهرب منها كبار القوط وكبار
رجال الدين الذين حملوا معهم ذخائر كنيستهم، فأدرك المسلمون
هؤلاء الفارين عند بلدة صغيرة تسمى قلعة «عبدالسلام»، وغنموا ما
كان معهم من ذخائر بالغة القيمة، وتجل عن الحصر، من بينها مذبح
الكنيسة الذى سموه «مائدة سليمان» - ولاصلة لنبى الله سليمان
بهذه المائدة - التى كانت من الزبرجد الخالص، ومزدانة بالجواهر،
وتوضع فى صدر الكنيسة وعليها الصلبان والكؤوس والكتب
المقدسة، وبعد أن حل الشتاء آثر «طارق» العودة إلى «طليطلة»،
وكتب إلى «موسى» يحيطه بأنباء الفتح وما أحرزه من نجاح،
ويطلب منه المدد.
موسى بن نصير والمشاركة فى فتح الأندلس:
قرر «موسى بن نصير» التوجه إلى الأندلس على رأس قوات مقدارها
ثمانية عشر ألفا معظمهم من العرب - على حين كان معظم جند طارق
من البربر - فغادر القيروان، ووصل إلى «طنجة» سنة (٩٣هـ = ٧١٢م)،
ثم عبر المضيق ونزل الجزيرة الخضراء.
سار «موسى بن نصير» بجنوده فى غير الطريق الذى سلكه «طارق
بن زياد»، بناءً على نصيحة رجاله وحلفاء المسلمين؛ ليكون له شرف
فتح بلاد أخرى غير التى فتحها طارق، فنزل «شذونة»، واستولى
على حصنين كبيرين بجوارها، هما «قرمونة» وقلعة «وادى إبرة»،
ثم تقدم نحو «إشبيلية» فحاصرها حتى استسلمت وانسحبت حاميتها
إلى مدينة «لبلة» فى الغرب، وهى الآن مدينة برتغالية.
ثم اتجه «موسى» ناحية بلد كبير يحيط به سور حصين، تسمَّى
«ماردة» كان يعتصم به قسم كبير من جيش «لذريق»، فحاصرها
واشتد فى حصارها على الرغم مما كابده المسلمون من خسائر،
حتى استسلمت صلحًا فى (أول شوال سنة ٩٤هـ = ٣٠ من يونيو
٧١٣م)، وغنم المسلمون ما كان بها من ذخائر نفيسة.
وبعد شهر تقدم «موسى» نحو «طليطلة» حيث التقى بطارق عند نهر
«التاجو»، ثم سارا معًا لمواصلة الفتح، وفى أثناء ذلك حدثت ثورة