للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها المدن، مثل: «قادش» على البحر، وإلى جوارها من الداخل مدينة

«شريش»، وفى الشمال على الطريق إلى «قرطبة» مدينة شذونة

(سيدونيا)، وفى ذلك السهل الواسع أخذ «طارق» ينظم قواته ويرتب

لمعركته انتظارًا للقاء القوط.

علم «لذريق» بمجىء القوات الإسلامية، وهو مشغول بمحاربة أعدائه

فى شمالى شبه الجزيرة، فأصيب بهلع ورعب عظيمين، وجمع

جنوده وانحدر بهم لمواجهة المسلمين، ووصلت أنباء تلك الحشود

الضخمة إلى «طارق بن زياد»، فكتب إلى «موسى بن نصير» يخبره

بذلك، فأمده بخمسة آلاف جندى صار بهم مجموع جنود المسلمين

بالأندلس (٢١) ألف جندى.

وصل «لذريق» إلى بلدة «شذونة» وأتم بها استعداداته، ثم اتجه

للقاء المسلمين ودارت بين الفريقين معركة فاصلة فى كورة

«شذونة» جنوب غربى إسبانيا، استمرت ثمانية أيام من (الأحد ٨٢ من

رمضان إلى الأحد ٥ من شوال سنة ٢٩هـ = ٩١ - ٦٢ يوليو ١١٧م)،

وكانت معركة هائلة، اقتتل فيها الطرفان اقتتالا شديدًا حتى ظنوا

أنه الفناء، وكان النصر فى النهاية حليف المسلمين، وفر «لذريق»

من أرض المعركة، وتبعه المسلمون حتى أدركوه وقتلوه بالقرب من

بلدة «لورقة».

وبعد هذا النصر العظيم الذى حققه «طارق بن زياد»، وامتلاء أيدى

أصحابه بالغنائم - اتجه إلى الشمال فاستولى على بعض القلاع، ثم

عبر نهر الوادى الكبير قاصدًا مدينة «طليطلة» عاصمة القوط، وكانت

تبعد عن أرض المعركة بنحو ستمائة كيلومتر، وكلها جبال ووديان

ومضايق عسيرة، وقد تمكن المسلمون بعزيمتهم وإصرارهم وإيمانهم

الجياش من دخول العاصمة بعد مقاومة عنيفة من القوط.

وفى أثناء سير «طارق» إلى «طليطلة» أرسل جزءًا من قواته لفتح

«البيرة» كما أرسل «مغيث الرومى» إلى «قرطبة» ففتحها بعد

حصار دام ثلاثة أشهر، وكانت آنئذ معسكرًا رومانيا قديمًا يقع على

ضفة نهر الوادى الكبير وعندها بُنيت قنطرة حجرية على النهر.

وأثبت «طارق» بهذا التصرف أنه على خبرة واسعة بشئون الحرب

<<  <  ج: ص:  >  >>