شديدًا، وطلب منهما ألا يعودا إلى «المدينة»، وقرر فى الوقت نفسه
أن يرسل «خالد بن الوليد» إلى «اليمامة» للقضاء على فتنة
«مسيلمة»، فهو أصلح الناس لهذه المهمة. وكان «خالد» قد فرغ من
القضاء على فتنة المرتدين من «بنى أسد» و «غطفان» و «تميم»،
فجاءته أوامر من «أبى بكر» بالتوجه إلى «اليمامة» للقضاء على
فتنة «مسيلمة الكذاب».
امتثل «خالد بن الوليد» لأوامر الخليفة، وسار فى صحراء وعرة نحو
ألف كيلو متر، حتى التقى بجيوش «مسيلمة» - وكانت نحو أربعين
ألفًا - فى مكان يسمى «عقرباء» فى حين كانت قوات «خالد» تبلغ
نحو ثلاثة عشر ألفًا، فيهم عدد كبير من المهاجرين والأنصار، ودارت
الحرب بين الفريقين، وكانت حربًا شرسة، اشتدت وطأتها على
المسلمين فى البداية، وكادوا ينهزمون، لولا أن زأر «خالد» كالأسد
الهصور، ونادى بأعلى صوته «وامحمداه»، وكان شعار المسلمين
فى المعركة، فاشتعلت جذوة الإيمان فى القلوب، وهانت الحياة
على النفوس، وأقبل المسلمون على القتال دون خوف أو وجل، طمعًا
فى النصر أو الشهادة، وصبروا لأعداء الله حتى هزموهم هزيمة
منكرة، وقتلوا «مسيلمة» الكذاب مع نحو عشرين ألفًا من رجاله،
واستسلم من بقى من قواته أسرى للمسلمين، واستشهد من المسلمين
أكثر من ألف ومائتى رجل، منهم عدد كبير من القراء وحفظة القرآن
الكريم.
وحين ترامت إلى المرتدين أخبار انتصارات «خالد» وما فعله فى
«بنى حنيفة»، وقر فى أذهانهم أن المسلمين لا ينهزمون؛ ولذا كانت
مهمة بقية القادة فى المناطق التى توجهوا إليها أقل صعوبة مما
واجهه «خالد بن الوليد» فى «اليمامة».
وقبل أن يمضى عام على بدء حركة الردة كان «أبو بكر الصديق»
قد نجح فى القضاء عليها فى كل مكان، وعادت شبه الجزيرة
العربية موحدة دينيًا وسياسيًا تحت لواء المسلمين وحكومتهم فى
«المدينة» على ما كانت عليه فى آخر حياة الرسول.
الفتوحات الإسلامية فى عهده:
أسبابها: