عبدالملك -التى اعتقدت أن «شنجول» سم ابنها - ثم فتى أموى اسمه
«محمد بن هشام بن عبدالجبار بن عبدالرحمن الناصر» كان عبدالملك
قد أعدم أباه.
لم يكن المروانية وحدهم يرغبون فى القضاء على العامريين، وإنما
كان معهم كل العناصر الناقمة من البيوت العربية مضرية أو يمنية،
يؤازرهم كل طبقات الشعب، وأحكم هؤلاء جميعًا خطتهم وانتهزوا
فرصة خروج عبدالرحمن للغزو ومعه معظم الجيش ليقوموا بالتنفيذ،
وفى يوم (١٦ من جمادى الأولى ٢٩٩هـ = ١٥ من يناير ١٠٠٩م) جاءت
الأنباء بأن عبدالرحمن عبر بجيشه إلى أرض النصارى، فقام محمد بن
هشام بإنزال ضربته، وهجم على قصر قرطبة وقتل صاحب المدينة،
والتف حوله الساخطون، ثم اقتحم سجن العامرية وأخرج من فيه،
واجتمع حوله المروانية وانضم إليه الناس من كل حدب وصوب، وبعد
أن سيطر ابن عبدالجبار على القصر واستولى على كل ما فيه من
سلاح وغيره، طلب من الخليفة هشام أن يخلع نفسه فوافق، وانتهت
بذلك خلافته الصورية التى دامت (٣٣) سنة وتولى الأمر «محمد بن
هشام بن عبدالجبار» وتلقب بالمهدى فى (١٧ من جمادى الآخرة
٣٩٩هـ = ١٦ من فبراير ١٠٠٩م) وجاءه الناس مهنئين، وما شعروا أن
تلك هى بداية الفتنة التى ستطيح ليس بالدولة العامرية وحدها بل
وبالخلافة بكل ما تمثله.
وفى اليوم التالى قام الثائرون بهدم مدينة الزاهرة وقصورها،
وأحست الحامية المنوط بها الدفاع عنها أن المقاومة غير مجدية
ففتحوا أبواب المدينة شريطة أن يؤمنهم المهدى، وتم نهب القصور
والاستيلاء على كل ما كان فيها من متاع وجواهر، ولم يكتف
المهدى بذلك وإنما قام بهدم كل مبانى مدينة الزاهرة وأسوارها بعد
أن استولى على كل ما فيها من خزائن وأموال وتحف حرصًا منه
على إزالة كل آثار بنى عامر، وأصبحت المدينة أطلالا، وتحولت إلى
أثر بعد عين.
وقد حاول «عبدالرحمن» وهو فى «طليطلة» بعد أن بلغته أخبار
الثورة أن يتنازل عن ولاية العهد مكتفيًا بالحجابة، فلم يلتفت إليه