وقاضى الجماعة هو الشخصية الثالثة بعد الأمير والحاجب، ولذا تطلب
الأمر التدقيق عند اختياره، ورغم مكانة القاضى، فإن الكثيرين لم
يرغبوا فى شغل هذا المنصب؛ لأنهم قد يجدون حرجًا فى أداء مهام
وظيفتهم ضد كبار الموظفين أو مع أمير لا ترضيه أعمالهم الحريصة
على العدالة وحدها.
وفى أواخر عهد الدولة العامرية تولى الصقالبة الخطط الكبرى، ثم
تولى الفتيان العامريون الحجابة لآخر الخلفاء الأمويين، واستبدوا بعد
ذلك برئاسة المدن والولايات، وظهر فى عهد الدولة العامرية بدعة
جديدة هى إسناد الحجابة إلى الأطفال، فقد استصدر عبدالملك - مثلا
- أمرًا من الخليفة «هشام» المغلوب على أمره بتعيين ولده الطفل
«محمد» فى منصب الحجابة ولقبه بذى الوزارتين، كذلك استحدث
بالوزارة عدة خطط جديدة مثل خطة خدمة الأسلحة وخدمة الوثائق
وخطة خزانة الطب والحكمة .. الخ.
الجيش والأسطول:
عبر إلى شبه الجزيرة جيش الفتح مكونًا من العرب والبربر، وقام
البربر بدور مهم فى تكوين قوى الأندلس دفاعًا وهجومًا، ولما كون
عبدالرحمن الغافقى جيشه بهدف غزو بلاد الفرنج، كان البربر من
عناصره المهمة، وبقيت القيادة بيد الضباط العرب، ثم ظهر خلاف بين
العرب والبربر، بسبب إحساس البربر باستيلاء العرب على القيادة
لأنفسهم فقط، ثم كانت ثورة البربر فى المغرب وانتقال بلج بن بشر
القشيرى إلى الأندلس الشىء الذى رجح كفة العرب، غيرأن الجيش
الأندلسى ما لبث أن انقسم إلى العرب الشاميين وأنصار «بلج»
والعرب والبربر المحليين، وقامت الحرب الأهلية، إلى أن جاء يوسف
بن عبدالرحمن الفهرى فأعاد تنظيم الجيش وأصلحه، وجعله جيشًا
أندلسيا، يغزو ويرد هجمات نصارى الشمال.
ثم جاء «عبدالرحمن الداخل» فاهتم بالجيش غاية الاهتمام، وبلغت
جنوده المتطوعة والمرتزقة (١٠٠) ألف مقاتل، بخلاف الحرس الخاص
الذى تكون من (٤٠) ألفًا من الموالى والرقيق والبربر.