وكذلك وضع «عبدالرحمن الداخل» نواة الأسطول الأندلسى؛ لأنه أقام
قواعد لبناء السفن فى بعض الثغور النهرية والبحرية، أما قيام
الأسطول الأندلسى فيعود إلى ما بعد ذلك عندما قام النورمانيون
بغزو ثغور الأندلس فعنيت الحكومة بأمر الأسطول وإنشاء السفن
وبالتحصينات البحرية، كما أقامت أكبر دار لصناعة السفن فى مياه
الوادى الكبير تجاه إشبيلية.
وقد اكتسب الجيش كثيرًا من الدربة والمران فى تعامله المستمر مع
الثورات والغزوات، وقد بذل الناصر جهدًا كبيرًا لتقويته، ومنحه غاية
الاهتمام، ووفر له الأسلحة والعتاد، وفى الوقت نفسه اهتم بالأسطول
وأنشأ له وحدات جديدة، وجعل مدينة ألمرية مركزه الرئيسى، وبنى
بها أكبر دار صناعة، ووصل عدد الوحدات فى زمنه إلى (٢٠٠) سفينة
مختلفة الأحجام والأنواع، بخلاف أسطول آخر خصص لشئون المغرب
البحرية، وكان أسطول الناصر من أقوى الأساطيل، سيطر به على
مياه إسبانيا الشرقية والجنوبية.
وفى عهد المنصور بن أبى عامر وصل الجيش الأندلسى إلى أقصى
قوته وضخامته، وقد اعتمد على البربر الذين استقدمهم من بلاد
المغرب وغمرهم بعطاياه، وكان فى جيشه كثير من المرتزقة
والنصارى من المستعربين، وقد بنى المنصور للأندلس قوة لم تعرفها
لا من قبل ولا من بعد، وبلغ عدد الفرسان فى زمنه (١٢١٠٠)، وعدد
الرجالة (٢٦٠٠٠) وهذا هو الجيش المرابط الذى كان يتضاعف وقت
الصوائف، وقد وصل فى إحداها إلى (٤٦٠٠٠)، وزاد عدد المشاة
حتى تجاوز المائة ألف.
وقد نجحت القوات الإسلامية فى السيطرة على مناطق الحدود؛ بفضل
ما تمتعت به من قوة واستعداد، وكانت الخلافة حريصة على أن توفر
لها الأسلحة والمؤن وكل ما تحتاج إليه، وكان بعض الحصون فى
هذه الأماكن أشبه ما يكون بمدينة كاملة.
وإلى جانب جيش الحدود كان هناك جيش آخر يقيم فى الزهراء يسمى
جيش الحضرة يقوده الخليفة بنفسه أو من ينيبه، وإذا خرج الخليفة
بنفسه جمع بين قيادة الجيشين.