وإذا جاء وقت النفير يأمر الخليفة بالاستعداد، فتبدأ عملية واسعة
النطاق تسمى «البروز»، وتتوافد الجنود من كل ناحية وتنزل فى
سهل فسيح يسمى «فحص السرادق» إلى الشمال من قرطبة، ثم
يؤتى بسرادق الخليفة ويوضع وسط الفحص، وتنصب فرق الجنود
خيامها ثم تقبل قوات المتطوعين حسبة لوجه الله تعالى، ويستمر
البروز شهرًا، ثم يخرج الخليفة بجيشه، وينتقل من حصن إلى حصن
حتى يصل إلى الحدود فينضم إليه جيش الثغور، وهنا تبدأ الصائفة-
أى العملية العسكرية الصيفية التى تستمر شهرين أو نحوها- فى
غزوها لأراضى العدو.
الموارد الاقتصادية:
لما فتح المسلمون شبه الجزيرة، فرضت الضرائب على أساس
المساواة بين الناس دون تمييز بين طبقة وأخرى، وكان خراج
الأراضى الزراعية والجزية على أهل الذمة وأخماس الغنائم هى
الموارد الرئيسية للدخل، وقد قام «يوسف الفهرى» بتقسيم الأندلس
إلى خمس ولايات وفرض على كل ولاية أن تقدم ثلث دخلها ورفع
الجزية عمن توفوا من النصارى، ومنحت الحكومة اهتمامًا كبيراً
للزراعة، وقد نجحت زراعة المسلمين بفضل التغيرات التى أدخلوها
على نظام ملكية الأراضى، وتنظيم عملية الرى فى الأندلس، والعناية
بالحدائق والمتنزهات وجلب المياه لها من الجبال.
وقد تنوعت الأراضى فى الأندلس بين أراضى خراجية للدولة،
وأراضى أحباس تتبع ولاية الأحباس (الأوقاف) ويشرف عليها قاضٍ،
وأراضى إقطاع بمعنى أن جيوش الأندلس كانت تتكون من قبائل
العرب والبربر التى كانت تقيم فى المدن والقرى على أساس
إقطاعها أراضيها، واستمر هذا النظام معمولا به حتى آخرعهد
«المنصور بن أبى عامر» وإن ظل الإقطاع سائدًا فى مناطق الثغر
الأعلى خاصة. بالإضافة إلى هذا وجدت الملكيات الخاصة التى كانت
تأتى عن طريق الوراثة أو الهبة أو الشراء.
أما المحاصيل الزراعية فأبرزها: التمور والحبوب بأنواعها والفواكه
والزيتون وقصب السكر والموز والعنب والتفاح والرمان والبرتقال،