وأبو القاسم إصبغ بن السمح الغرناطى، وقد اشتهر الأول بجداوله
الفلكية التى صحَّحت كثيرًا مما جاء فى الجداول القديمة، أما الآخر
فكان بارعًا فى الهندسة والفلك، والرياضيات، ومن كبار العلماء
الذين عنوا بالتاريخ وتدوين الحوادث والترجمة للأعلام ابن حزم،
والمؤرخ الكبير أبو مروان حيان بن خلف بن حيان، وأبو عبدالله
الحميدى، وأبو الحسن على بسام الشنترينى صاحب كتاب «الذخيرة
فى محاسن أهل الجزيرة»، والكاتب القدير والمؤرخ الأديب الفتح بن
خاقان، وكما ارتقت العلوم والآداب ازدهرت الفنون والصناعات فى
عهد ملوك الطوائف، خاصة ما يتعلق بالموسيقى والغناء وآلات
الطرب.
وإذا كان يعرف عن أهل الأندلس اهتمامهم بكل ما يتعلق بتربية
الماشية، وفلاحة الأرض، وتنظيم الرى وأحوال الجو، وخواص النباتات
وإنشاء الحدائق فإنه ينبغى الإشارة إلى ظهور عدد من علماء النبات
والزراعة فى عهد ملوك الطوائف، لاسيما فى طليطلة وإشبيلية منهم
ابن وافد وابن بصال، وأحمد بن محمد حجاج، وابن لونكو فى قرطبة
وغير هؤلاء.
وكانت الصناعات رائجة خلال عصر الطوائف وأشهرها بصفة خاصة،
وكان فى ألمرية وحدها خمسة آلاف مصنع تنتج أجمل أنواع الأقمشة
وأفخمها، وكانت السفن تأتى من بلاد المشرق ومن الثغور الإيطالية
إلى الموانئ الأندلسية فى إشبيلية وألمرية وبلنسية وداتية
وسرقسطة تحمل بضائع المشرق، وتعود محملة بما تستورده من
السلع الأندلسية، وكانت التجارة الخارجية مصدرًا مهما من مصادر
دخل دول الطوائف ذات الثغور.