قائلا إنه لا يريد أن تتهمه الأجيال المقبلة بأنه ترك الأندلس غنيمة فى
أيدى الكفار قائلا: «ولا أحب أن يعلن اسمى على منابر المسلمين
وعندى أن رعى الجمال خير من رعى الخنازير».
وقد أقنع المعتمد بن عبّاد بوجهة نظره كلا من المتوكل بن الأفطس
صاحب بطليوس و «عبدالله بن بلقين» صاحب غرناطة، وأرسلوا جميعًا
ومعهم العلماء والفقهاء وفدًا إلى «يوسف بن تاشفين» يستصرخونه
ويطلبون إنقاذهم.
كان من عادة زعيم المرابطين ألا يبرم أمرًا إلا بعد مشاورة الفقهاء،
وقد أشاروا عليه أن يبدأ بقتال القشتاليين، وأن تخلى له الجزيرة
الخضراء، فأمر يوسف بن تاشفين بعض فرسانه فعبروا من مدينة
سبتة على متن بعض السفن إلى الجزيرة الخضراء يقودهم «داود بن
عائشة»، وكان معهم جيش كثيف من الجنود، وأرسل المعتمد إلى
ابنه حاكم الجزيرة يطلب منه تركها وتيسير مهمة قوات المرابطين، ثم
تلاحقت الجنود بالجزيرة، وعبر «يوسف» نفسه، وعنى بتحصين
المدينة حتى اطمأن إلى أنها قد أصبحت فى حالة حسنة وبها من
المؤن والذخائر ما يكفيها، ثم سار فى معظم جيشه إلى «إشبيلية»؛
حيث خرج المعتمد للقائه وأحسن استقباله وقدم له من الهدايا ما يليق
بمقامه وما أكد ليوسف أن الأندلس تتمتع بغنى موفور وثراء متزايد،
وقد طلب ابن تاشفين من أمراء الطوائف المشاركة فى الجهاد، فلبى
الدعوة صاحب غرناطة وأخوه صاحب مالقة، وقصد الجميع نحو
بطليوس حيث لقيهم ملكها وأخذت وفود الرؤساء تتوافد من سائر
أقطار الأندلس وانتظمت القوات الأندلسية وحدة قائمة بذاتها، القيادة
فيها لابن عباد واحتلت المقدمة، بينما احتلت الجيوش المرابطية
المؤخرة.
موقعة الزلاقة:
واصلت القوات الإسلامية سيرها حتى نزلت على سهل فسيح يقع إلى
الشمال من مدينة بطليوس قرب حدود البرتغال الحالية تسميه المصادر
العربية بالزلاقة، فلما علم «ألفونسو السادس» بأخبار المرابطين ترك