حصار «سرقسطة» وأرسل إلى «سانشوا» ملك «أراجون» يطلب
معونته، وكان بدوره يحاصر «طرشوشة» واستدعى قواته التى
كانت فى «بلنسية»، وحشد كل ما استطاع وجاءه المتطوعون من
جنوبى فرنسا وإيطاليا وحرص على أن يكون لقاؤه بالمسلمين فى
الأراضى الإسلامية، حتى لا تتعرض بلاده للتخريب ثم اتجه نحو الجنوب
للقاء المرابطين، وهو يمتلئ زهوًا ويتيه فخرًا بما معه ومن معه،
ونزل فى مكان يبعد نحو ثلاثة أميال عن معسكر المسلمين، وقدر
جيشه بما بين أربعين إلى ثمانين ألفًا على حين قدر الجيش الإسلامى
بما بين عشرين إلى نحو خمسين ألفًا، وكان يقود المقدمة المعتمد بن
عباد، وعلى الميمنة «المتوكل بن الأفطس» وتكونت الميسرة من أهل
شرقى الأندلس، أما المؤخرة فكانت من البربر بقيادة «داود بن
عائشة»، وكان أنجاد المرابطين من لمتونة وصنهاجة وغيرها بقيادة
يوسف بن تاشفين.
لبث الجيشان ثلاثة أيام لايفصلهما سوى نهر، والرسل تتردد بينهما،
وقد أرسل «ابن تاشفين» إلى خصمه يدعوه إلى الإسلام أو الجزية
أو الحرب، فاستاء الملك النصرانى ورد بقوله: «إنى ما كنت أتوقع
أن يصل الحد بالمسلمين الذين كانوا يعطوننى الجزية منذ سنين أن
يعرضوا على مثل هذه الاقتراحات الجارحة ومع هذا فإن لدى جيشًا
فى استطاعته أن ينزل العقوبة على هذه الوقاحة البالغة من
الأعداء» ولم يكن جواب «يوسف» أكثر من هذه العبارة» الذى
يكون ستراه «.
جرت اتصالات تهدف إلى تحديد موعد المعركة، وحاول «ألفونسو»
خديعة المسلمين، لكن المعتمد بن عباد أدرك خديعته، وقد أخبرته
طلائعه بما فى معسكر العدو من حركة وجلبة سلاح، رغم أن الوقت
المتفق عليه لبدء القتال لم يكن قد حان بعد.
وفى أوائل (رمضان ٤٨٠هـ = ديسمبر ١٠٨٧م) بدأ القتال فى الصباح
الباكر واشتد لهيب المعركة وهاجم النصارى بعنف مقدمة «المعتمد بن
عباد» ونجح فى ردها عن مواقعها واختل نظامها وارتد معظمها إلى