للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطليوس ولم يثبت إلا الإشبيليون وابن عباد الذى كان مثالا للشجاعة

والإقدام حيث صمد للعدو، وقاوم هجماته العنيفة رغم جرحه الذى فى

وجهه ويده، وهجم «ألفونسو» على مقدمة المرابطين التى يقودها

«داود بن عائشة» وردها عن مواقعها، وفى اللحظة المناسبة دفع

ابن تاشفين بقوات البربر إلى نجدة الأندلسيين والمرابطين، ونفذت

قواته إلى قلب النصارى بكل قوة، وسرعان ما تغير وجه المعركة،

لأن يوسف هاجم عدوه من الخلف مباغتة وهذا شجع الفارين فعادوا

ونظموا صفوفهم، وشدوا من أزر المعتمد، ورغم أن «ألفونسو» كان

قد وصل إلى خيام المرابطين، فإن ابن تاشفين تقدم على رأس من

معه من قوات وتجاوز جموع النصارى وقصد إلى معسكرهم نفسه

وهاجمه بشده وفتك بحراسته، ثم وثب إلى مؤخرة القشتاليين

النصارى، وأثخن فيهم قتلاً وطبوله تضرب فتشق أجواز الفضاء، ثم

أضرم النار فى معسكر الأعداء.

اضطر «ألفونسو» أن يستدير لينقذ معسكره؛ لكنه اصطدم بالمرابطين

ولم يصل إلى محلته إلا بعد خسائر فادحة، وكان «يوسف» أثناء

القتال يجول على صهوة جواده بين المحاربين يهيب بهم «أن

تشجعوا أيها المسلمون، أعداء الله أمامكم والجنة تننتظركم،

وطوبى لمن أحرز الشهادة».

وكان سماع النصارى لدوى الطبول ووقوف المسلمين يقاتلون فى

صفوف متراصة ثابتة من العوامل المساعدة على انتصار المسلمين

وإلحاقهم الهزيمة بصفوف عدوهم، وقد دفع «ابن تاشفين» بحرسه

الأسود البالغ عدده نحو أربعة آلاف إلى قلب المعركة فى الوقت

المناسب، وتمكن واحد منهم من الوصول إلى «ألفونسو» وطعنه فى

فخذه، الأمر الذى اضطره إلى الاعتصام بتل قريب حتى جن الليل ثم

هرب فى نحو خمسمائة فارس معظمهم من الجرحى ووصل إلى

طليطلة منهم مائة فقط.

أمضى المسلمون الليل يرقبون حركات النصارى وفى اليوم التالى

طارد الفرسان الفارين، وجمعت الأسلاب الهائلة.

وقد استبشر المسلمون فى شبه الجزيرة بهذا النصر العظيم غير أن

<<  <  ج: ص:  >  >>